بقلم : أمينة خيري
هل لنا أن نتعلم بضعة دروس مما آلت إليه القضية الفلسطينية، وفى أقوال أخرى القضية العربية، وفى ثالثة الصراع العربى الإسرائيلى؟ وبعيدًا عن مدرسة «بنى حنجور» وأكذوبة «على القدس رايحين شهداء بالملايين» وأسطورة إلقاء إسرائيل فى البحر، هل لنا أن نبتلع ريقنا ونهدئ من روعنا ونسأل: أين تقف القضية الفلسطينية اليوم، وهل لدينا من الطاقة التى نهدرها على مدار اليوم فى هرى «فيسبوك» وشد «تويتر» وجذب دخول الحمام بالرجل الشمال ما يكفى لنستمر فى الهتاف بعلو الصوت: «الموت لإسرائيل»؟ ولأن المسألة عصية على الفهم فى العديد من جوانبها، فلتكن البداية طرح الأسئلة لعلها تمهد الطريق لتفكير هادئ.
ماذا نجم عن 82 عامًا من محاولات بعضها كان حقيقيًا والبعض الآخر كان حنجوريًا صرفًا لاسترداد الأرض المغتصبة؟ ما النتائج الملموسة على أرض الواقع، والتى تُمكِّننا من حساب الخسارة والمكسب؟ مَن كسب ماذا؟ ومَن خسر ماذا؟ مشاهد طلاب الجامعات فى مصر على مدى عقود وهم يتظاهرون ضد الاحتلال الإسرائيلى سواء فى مناسبة مثل «يوم الأرض» أو عقب مجزرة هنا أو اعتداء على مدنيين هناك تستدعى الكثير من التأمل. أين ذهب هؤلاء اليوم؟ وهل استدعاؤهم للقيام بتظاهرة مشابهة لتلك التى قاموا بها فى الخمسينيات أو الستينيات أو السبعينيات أو حتى الألفينيات سيلقى قبولًا؟ وهل طلاب الجامعات اليوم على استعداد لتنظيم تظاهرات شبيهة من أجل ترديد الهتافات نفسها؟ بمعنى آخر، ما الذى نجم عن عقود من الهتاف والتوعد؟ وحبذا لو تركنا جانبًا حكاية: «أصل الأنظمة قمعية»، و«ما هو الحكام ظلَمة»، و«طبعًا ما هو الأنظمة العربية متوائمة مع الكيان الصهيونى»، إلى آخر قائمة تحميل الذنب على القمع والسحل وحب الصهاينة على حساب الإسلام والمسلمين. ودعونا ننظر مثلًا إلى رد فعل النظام التركى الذى عوّل عليه الكثيرون من العرب مهمة تحرير فلسطين وفتح القدس والقيام بمهمة إلقاء إسرائيل فى بحر إيجة. كثيرون متعلقون بتلابيب النظام التركى «الإسلامى»، الذى «يقف وحيدًا مدافعًا عن فلسطين وعروبتها. هل سمع أحدكم صوتًا له، ولا نقول فعلًا فى شأن التقارب العربى المتواتر مع إسرائيل؟! طيب ما الأحداث التى تلت خروج آلاف المصلين من أنصار جماعة الإخوان المسلمين من مسجد الأزهر الشريف فى شهر مايو 2013 وهم يهتفون: «على القدس رايحين شهداء بالملايين»؟ ما الذى منعهم من الذهاب إلى القدس شهداء بالملايين أو الآلاف أو حتى العشرات، ولماذا تغيرت وجهتهم، فمنهم مَن ذهب للجهاد فى سوريا «المسلمة» أو للتفجير فى ليبيا «المسلمة»، ومنهم مَن بقى للجهاد فى مصر «المسلمة»، ومنهم مَن توجه للجهاد عبر الشاشات فى قطر «المسلمة»، وهناك مَن آثر اللجوء إلى تركيا «المسلمة»؟ نتفق أو نختلف على تواتر التقارب العربى الإسرائيلى، لكن علينا أن نُقيِّم نضال عقود مضت لتتضح الصورة.