بقلم : أمينة خيري
ما نوع الحملات التى يمكن أن تتفاعل معها؟ وما هوية الأشخاص موضوع الحملة التى تدغدغ مشاعرك وتستنفر مكامن الإنسانية فيك؟ وما الحملات التى تدشنها جهات رسمية أو أهلية، وتلقى آذانًا صاغية وقلوبًا متضامنة؟ وما الحملات التى يمكن أن تلقى صدى لديك فتغير فكرك وتستحثك على التضامن والتفاعل؟
أغلب الظن أن القائمة لن تخرج عن قضايا مثل: توفير أماكن آمنة للأطفال بلا مأوى، علاج الأطفال المرضى، تشييد بيوت للعائلات الفقيرة، توصيل شبكات مياه الشرب والصرف الصحى للعائلات الفقيرة ذاتها، توفير وجبات دافئة للعائلات نفسها، شراء جهاز العروسة لبنات العائلات هى هى، توفير فرص عمل لأبناء نفس العائلات ممن لم يحصلوا على قدر من التعليم لأنهم فقراء جدًا واضطروا لحرمان الأبناء والبنات من التعليم، مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر لمساعدة العائلات ذاتها على شراء «توك توك» يعمل عليه الابن الأكبر، وماكينة خياطة تعمل عليها الابنة الكبرى، وجهاز كمبيوتر يتدرب عليه الابن رقم ثلاثة، ودراجة يعمل عليها الابن الرابع دليفرى، ومعدات تقطيع خضروات وتغليفها لتستخدمها الابنة الخامسة، وسداد ديون الغارمات اللاتى حررن إيصالات أمانة لشراء غسالة فول أوتوماتيك ومايكروويف، وبناء المزيد من البيوت لتستوعب ملايين الأسر الجديدة، والقضاء على العشوائيات الناجمة عن موجات الهجرة الداخلية لملايين هجرت قراها لتبحث عن فرص عمل عشوائية فى المدن الكبرى، وكانت النتيجة تكوين عشوائيات كبرى.
وبالطبع فإن حملات «تبرع يا أخى المؤمن، تبرعى يا أختى المؤمنة» لاستكمال بناء المسجد المقام بين مسجدين فى القرية الفلانية، و«تبرعى يا أختى المؤمنة» لشراء طرح للصلاة فى النادى الفلانى أو ملابس نقاب للأخوات اللاتى يرغبن فى ارتدائه ولا يملكن ثمنه، و«تبرع يا أخى المؤمن» لتمويل نشاط تحفيظ القرآن وتفسير الآيات للصغار من أكثر الحملات التى تضمن التعاطف وتؤمن الملايين من أجل التمويل.
لكن ماذا عن حملة «استعادة إنسانية وكرامة المرأة المصرية» التى أهدرها دعاة النسخة المشوهة من الدين والتى تُرِكت لترتع فى عقول الملايين؟ وماذا عن حملة نشر التنوير والفكير على أيدى مثقفين وفنانين فى القرى والنجوع والمدن؟ وماذا عن حملة دورات تدريبية لتعليم الناس التفكير النقدى وأصول الحوار دون صراخ وتكفير وضجيج؟ وماذا عن حملة اكتشاف ودعم مواهب الشباب والشابات فى الغناء والرقص والتأليف فى الأحياء الشعبية والقرى النائية؟ وماذا عن حملات تنظيم الأسرة والتوقف عن ضخ العيال الجنونى لينتهى بهم الحال إما فى حياة عشوائية من ألفها إلى يائها أو فى براثن التكفير والترهيب الفكرى؟
أغلب الظن أن هذه النوعية من الحملات التى تعمل على استعادة إنسانية وحضارة المصريين لا تلقى تفاعلًا أو تضامنًا، بل غالبًا ستلقى مقاومة كبرى لأنها فسق وفجور، ولأن الأولوية هى الإبقاء علينا فى دائرتين مغلقتين: التدين المزيف، والإفقار المقصود.