بقلم : أمينة خيري
ما هذه الخلطة الرائعة؟ وكيف تمكن فريق العمل من إخراج وتأليف وتمثيل ومكياج وملابس وتصوير من الإبداع فى تقديم هذه الكوكبة الفريدة من النصابين والنصابات المحببين إلى قلوبنا فى «بـ 100 وش»؟ هذه التركيبة التى تبدو متناقضة هى واقع نعيش فيه ويعيش معنا. صحيح أن هذا الواقع المعاش لا يصل بالضرورة إلى درجة النصب الصريح والاحتيال المباشر، لكنه يعكس واقعنا المعاش.
ولنأخذ «عم سامح الضلالى»، الذى أبدع فى القيام بدوره الفنان محمد عبدالعظيم نموذجاً. موظف مرتشٍ ومزور، وفى الوقت نفسه لا يتوانى عن الدعاء ليوفقه الله سبحانه وتعالى فيما يقترفه من ذنوب وخطايا. فى وقت اللزوم وتحت وطأة الجشع حيث الإمعان فى النصب على زميلته فى العصابة، يتحول من مرتشٍ ومزور إلى بلطجى. ولأن «القوى له من هو أقوى منه»، يتحول إلى قطة كاوتش حيث يجد نفسه وحيداً ضعيفاً أمام بلطجية أقوى منه يقودهم زميله فى العصابة «فتحى» الذى يأكل مال النبى. ورغم هذا الاعتداء الغاشم، إلا أنه أمام أول تلويح باحتمال عملية نصب جديدة يتعاون فيها مع «فتحى» يتغاضى عن «سوء الفهم البسيط» ويحتضنه لأن «مصارين البطن بتتعارك».
أشكال الضلال المختلفة التى يقدمها لنا «بـ100 وش» أقرب إلينا مما نتخيل. وتكفى هذه الكوكبة من الشخصيات «الملتزمة» التى قدمتها العصابة فى عملية النصب على العرسان. هذه الخلطة الرهيبة التى نعرفها جميعاً والتى تعد الرحيق المضمون الذى يجذب العريس فى زمن التدين الفطرى الجميل أبلغ من مائة رسالة مباشرة ووعظة موجهة. «الخاطبة» أم معاذ «الملتزمة» شكلاً وكلاماً، وابنها معاذ الملتحى وصاحب الزبيبة المحفورة على جبينه وأسرة العروس «المضمونة» من حيث الأخلاق والالتزام حيث الأب والعم والابن ملتحون، وزوجة الابن منقبة جميعهم يطمئن قلب العريس بأن العروس تأتى ومعها شهادة ضمان مختومة بختم الأيزو. لكن هذا المشهد الملتزم جداً ليس إلا واجهة لعملية نصب جديدة تعرى أدوات نصب صارت ذائعة الصيت فى مجتمعنا. بالطبع الرسالة ليست ربط النصب والاحتيال بمظاهر التدين المظهرى الحديث، ولكنها تسلط الضوء على ضرورة الخروج من ربط المظهر وأدوات إشهار التدين من حيث الملابس وطريقة الكلام بالأخلاق. وهى أيضاً دعوة لإعادة التفكر فى مفهوم النصب والاحتيال. فالصورة الذهنية للنصاب حبسته فى أشكال كلاسيكية محدودة. لكن «عم سامح الضلالى» وأم معاذ ومعاذ والعصابة المحببة إلى نفوسنا ضربوا الصورة الذهنية للنصاب فى مقتل، وساعدونا على أن نفتح أعيينا ونرى واقع النصب المنتعش المتغير حولنا. فى حياة كل منا «عم سامح» و«أم معاذ» و«معاذ». وغالباً نعرف تماماً أنهم نصابون ومحتالون بدرجات النصب المختلفة بدءاً بالمغالاة فى الأسعار، مروراً بالتجارة بـ«قال الله» و«قال الرسول»، وانتهاء بالاستيلاء على أراضى وميراث وممتلكات الغير بأوراق رسمية مزورة وافتراضات حسن النية.