بقلم : سليمان جودة
قال الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن، فى حديث مع قناة «إن. بى. سى» الأمريكية، إن كونه نائبًا للرئيس الأسبق باراك أوباما لا يعنى أن تصبح رئاسته المقبلة ولاية ثالثة لأوباما!. والمعنى أنه إذا كان قد عاش ثمانى سنوات نائبًا يشارك الرئيس الأسبق تطبيق سياسات معينة، فإن له أفكاره الخاصة التى ستنعكس فى سياسات مختلفة، سوف يعمل وفقًا لها فى أعوام أربعة مقبلة هى فترة رئاسته الأولى!.. هذا معنى كلامه باختصار.. والحقيقة أننا هنا فى الشرق الأوسط لا نتمنى فقط أن تختلف سياساته عن سياسات أوباما، ولكننا نريدها مختلفة عن سياسات ترامب أيضًا!.
ولا أجد شيئًا يمكن أن يجعل بايدن مختلفًا عن ترامب فى المنطقة سوى أن يتخذ خطوة من جانبه تعيد الاعتبار إلى مبادرة السلام العربية.. فهذه المبادرة التى طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى القمة العربية المنعقدة ببيروت ٢٠٠٢ كانت، منذ طرحها، هى البديل العربى الجاهز فى مواجهة كل مشروع سياسى يتحدث عن حل للقضية فى فلسطين، بل عن حل للصراع بين إسرائيل والعرب!. وهى مبادرة يمكن أن توصف بأنها عملية أكثر مما توصف بأى شىء آخر، لأنها إذا كانت تتحدث عن يد عربية ممدودة بالسلام إلى تل أبيب، فإنها تطلب فى ذات الوقت وبالتوازى يدًا إسرائيلية ممدودة بالأراضى العربية المحتلة إسرائيليًا منذ الخامس من يونيو ١٩٦٧!. ولأنها مبادرة على هذه الدرجة من الوضوح، وعلى هذا القدر من المرونة السياسية، فلقد كان المتوقع أن تقبلها إسرائيل، وأن تسارع إلى العمل بها.. وإذا كان ذلك قد فات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مدى ١٨ سنة هى عُمر المبادرة، فالمتوقع كان أن يتلقفها البيت الأبيض، أيًا كان اسم الرئيس الساكن فيه، وأن يجعلها طريقًا للحل الذى يرعاه فى منطقة أرهقها الصراع!. كان هذا متوقعًا من جانب إدارة ترامب أكثر من غيرها، لأن الرئيس ترامب المنتهية ولايته أجهد نفسه فى طرح ما يسمى «صفقة القرن» حلًا غير ممكن للصراع، بينما المبادرة العربية أمامه جاهزة تناديه!. ليس هذا وحسب.. ولكن العكس هو الذى حدث بكل أسف، عندما فوجئنا بمندوبته فى الأمم المتحدة، كيلى كرافت، تخرج على العالم فى أكتوبر وتقول إن مبادرة السلام العربية لم تعد لها ضرورة!!.. ولذلك، فليس مطلوبًا من إدارة بايدن شىء سوى أن تلتفت إلى أن المبادرة تمثل ضرورة، وأن تعيد لها اعتبارها، وأن تضعها فى مكانها الذى تستحقه!!.