بقلم : سليمان جودة
من الواضح أن الحكومة تضع قضية نظام الرى الحديث بين أولوياتها، فلا يكاد أسبوع يمر إلا ويكون الرئيس قد دعا إلى اجتماع يحضره الدكتور مصطفى مدبولى، ومعه الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى، ويكون الموضوع هو هذا النوع من الرى، والخطوات التى قطعناها فى الطريق إلى نشره على أوسع نطاق ممكن!.
وحين أشرت إلى ذلك قبل أيام، استوقفنى أن الحكومة تسعى إلى تطبيق هذا النظام فى خمسة ملايين فدان، وأن العمل يجرى فى مليون منها، وأنها تسعى أيضًا إلى تبطين عشرين ألف كيلومتر من الترع، وأن العمل يجرى فى سبعة آلاف منها!.
وكان تقديرى ولا يزال أن هذا عمل ممتاز لأن السعى إليه وراءه بالضرورة إدراك واجب لما يتعين أن يكون عليه سلوكنا ونحن نستخدم كميات المياه المتاحة لنا!.. ولكن المشكلة أن هذا الإدراك لم يكتمل بعد، وليس أَدَلَّ على ذلك إلا أننا لا نزال نسقى الحدائق والأشجار فى الشوارع بالخراطيم، ولا تزال الغالبية من الناس تسىء التصرف مع الماء فى كل مكان!.
الحكومة تريد من وراء الرى الحديث، ومن وراء تبطين الترع، استخدام كل كمية من المياه استخدامًا لا يسمح بإهدار شىء منها.. وهذا ما كان يجب أن ننتبه إليه ونفعله من سنين لأن عددنا فى ازدياد، بينما حصتنا من النهر الخالد ثابتة لا تزيد، ولأن السماء تأمرنا فى كل دين سماوى بألا نسىء استخدام الماء فى أى وقت.. وكلنا يحفظ القول المأثور الذى ينصحنا بألا نسرف فى استخدام الماء ولو كنا نقيم على نهر يجرى!.
ولا أعرف ما إذا كان تبطين الترع هو النظام الأمثل فى الحفاظ على الماء بها، أم أن هناك بدائل أخرى أحسن فى اتجاه تحقيق الهدف ذاته!.. إننى أسأل الدكتور عبدالعاطى عما إذا كان مد مواسير ضخمة من الخرسانة فى مكان كل ترعة أفضل، أم أن التبطين هو الأفضل والأوفر؟!.. أذكر أن مد المواسير الخرسانية كان هو الأسلوب المتبع فى إنشاء شبكة الصرف الزراعى فى سنوات مضت، وأن ذلك كان يتم بسرعة وسهولة.. فلماذا لا نجربه فى الرى، خصوصًا أنه سوف لا يحفظ الماء من التسرب فى الأرض وفقط.. كما هو حال التبطين.. ولكنه سيحفظه من البخر أيضًا؟!.
أدعو الوزير إلى دراسة هذه الفكرة، ثم عرضها على رئيس الحكومة، ومن بعده على رئيس الدولة، لعلنا نوفر ما هو ممكن فى الوقت، والجهد، والماء، والتكاليف!.