بقلم : سليمان جودة
أجرى جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسى، اتصالين هاتفيين، أحدهما مع الدكتور محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامى ورئيس هيئة علماء المسلمين، والثانى مع الدكتور يوسف العثيمين، أمين عام منظمة التعاون الإسلامى!.
كان الوزير لودريان يحمل رسالتين إلى الرجلين، أولاهما أن بلاده تحترم الإسلام، والثانية أن المسلمين هناك جزء من الجمهورية الفرنسية!.
والمتابع للأحداث يعرف أن الاتصالين لهما خلفية، وأن هذه الخلفية هى حادث ذبح مدرس تاريخ فرنسى على يد شاب شيشانى فى إحدى ضواحى باريس، ثم قتل ثلاثة فرنسيين داخل كنيسة نوتردام فى مدينة نيس الفرنسية على يد شاب تونسى، ومن بعدهما تم طعن قس أمام كنيسة فى مدينة ليون شرق البلاد!.
كان الحادث الأول يوم ١٦ أكتوبر، وكان الثانى والثالث بعده بأيام قليلة، وكان السبب فى الأول بالذات أن المدرس عرض على طلابه رسومًا مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، معتبرًا أن نشرها من جانبه أو من جانب غيره نوع من حرية التعبير!.
والحقيقة أنه لا الإساءة إلى رموز الإسلام، ولا إلى رموز أى دين، كانت شكلًا من أشكال حرية التعبير وفق أى منطق سليم، لأن ما يقرب من مليارين يؤمنون بالإسلام ورسالته، ويؤذى مشاعرهم أن يُساء إلى رموزه بأى طريقة فى أى وقت، وكذلك الأمر مع أتباع أى دين آخر!.
والمشكلة أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون خرج يقول بعد حادث قتل المدرس- ما معناه- إن فرنسا سوف تواصل التمسك بحرية التعبير!.. ولم ينتبه الرئيس ماكرون إلى أنه وقع فى خطأ التعميم، فأخذ عموم المسلمين فى أنحاء العالم بما لا ذنب لأحد منهم فيه!.
ومن بعدها قامت عليه الدنيا، على مستوى العالم الإسلامى، ثم مستوى الملايين الستة من المسلمين داخل بلده، وكذلك مستوى عدد من قادة الدول الذين رأوا كلامه خاليًا من الحكمة!.. ورغم أن ماكرون نفسه حاول التخفيف لاحقًا من وطأة حديثه، وراح يقدم ما يشبه الاعتذار عما صدر عنه، إلا أن تعميمه فى الحديث كان أشبه بالرصاصة التى انطلقت وانتهى الأمر!.. وما قاله وزير خارجيته فى الاتصالين يظل من نوع الرجوع إلى الحق، الذى هو خير من التمادى فى الباطل، ولكنه رجوع تأخر بعض الشىء!.