بقلم : سليمان جودة
شكوى عابرة من مواطن فى الكويت جعلت وزارة التجارة والصناعة تغلق محلًا، ثم تُحيل صاحبه إلى النيابة!.. وكان السبب أن المحل يبيع قطع غيار سيارات إسرائيلية فى منطقة الشويخ، إحدى مناطق عاصمة البلاد!
الخبر أذاعته وكالة الأنباء الألمانية، ونقلته عنها الصحف ووسائل الإعلام، وبدا خبرًا لافتًا من حيث توقيته، وسط الأجواء التى تعيشها المنطقة هذه الأيام!
ففى أقل من شهرين، قررت ثلاث دول عربية إطلاق علاقاتها مع إسرائيل، وهناك دول أخرى قالت عنها إدارة الرئيس ترامب إنها فى الطريق!.. وفى مرحلة من مراحل إطلاق قطار العلاقات بين الدول الثلاث وتل أبيب، بدا القطار أسرع من اللازم، ثم بدا فى حاجة إلى التمهل قليلًا فى الذهاب إلى غايته!
ولكن الكويت كان لها موقفها الثابت الذى لا يتزعزع فى هذه القضية، وكانت تعيد التأكيد فى كل مناسبة على أنها سوف تكون آخر مَنْ يُطبِّع علاقاته مع إسرائيل، ليس بالطبع لأنها ضد السلام الذى تحتاجه المنطقة، ولا لأنها تصادر على أى دولة عربية حقها فى أن ترسم سياستها الخارجية بالطريقة التى تراها.. فالسياسة الخارجية حق سيادى خالص لكل دولة تمارسه كما تحب.. وإنما لأن الحكومة الكويتية تربط تطبيعها بحصول الشعب الفلسطينى على حقه فى إقامة دولة على أرضه!
وليس سرًا أن مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتى، كان قد أدار معركة سياسية شجاعة ومعلنة مع الإسرائيليين، طوال سنوات انعقاد المجلس، الذى تجرى انتخاباته الشهر المقبل!
وفى أثناء انعقاد البرلمان الدولى فى موسكو، قبل عامين، اشتبك «المرزوق» مع مندوب إسرائيل، ورفض الحديث إلا بعد إخراجه من القاعة.. فغادرها المندوب الإسرائيلى بالفعل!
ولم يكن رئيس البرلمان الكويتى يتحامل على مندوب الدولة العبرية، ولا كان يرغب فى اصطناع بطولة معه، ولكنه كان يتصرف بوحى من سياسات حكومة بلاده، التى تضع الحق الفلسطينى بين أولويات سياستها الخارجية، ولا تتوقف عن التذكير به، ولا تقبل التفريط فيه! إغلاق محل «الشويخ» فى هذا الظرف الإقليمى إشارة كويتية قوية يجب التوقف أمامها، والموقف الكويتى من القضية فى فلسطين موقف محترم، رغم سلوك فلسطينى صادم أيام غزو الكويت لانزال نذكره ونأسف عليه!.