بقلم : سليمان جودة
أتوقف أمام أشياء كثيرة فى زيارة الرئيس إلى باريس، من بينها أن هذه هى الزيارة الأولى لرئيس دولة عربية أو حتى إسلامية، فى مرحلة ما بعد الإرهاب الذى ضرب فرنسا بقوة فى أكتوبر.. كانت الزيارة الرئاسية هى الأولى من حيث هذا السياق الذى سبقها وأحاط بها، وبالتالى من حيث التوقيت الذى تمت فيه!.
وفى مرحلة ما بعد إرهاب أكتوبر أيضًا، كان وزير الخارجية الفرنسى جان إيڤ لودريان، قد اختار القاهرة وجهة أولى له، ثم اختار الأزهر فى القلب من القاهرة حين التقى بالإمام الأكبر!. وفى الحالتين كانت ضربات أكتوبر الثلاث التى هزت العاصمة الفرنسية، ومعها مدينتا نيس وليون، قد أثارت الفزع داخل فرنسا، بمثل ما أثارت الجدل خارجها فى قضية الرسوم المسيئة وتصريح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون حولها!.
وعندما لفت الرئيس انتباه ماكرون إلى أنه «لا يتعين باسم القيم الإنسانية انتهاك القيم الدينية التى تسمو فوق كل القيم الأخرى» فإنه كان يتحدث بلسان كل مسلم ساءه أن تتطاول الرسوم إياها على مقام الرسول الكريم.. وحقيقة الأمر أن الرسوم أساءت إلى مشاعر كل إنسان عنده ضمير حى، وليس فقط إلى كل مسلم، لأننا نتكلم عن إساءات مرفوضة لمقدسات أى دين سماوى، وليس لمقدسات الإسلام وحدها!.
كانت «الرسالة» التى حملها الرئيس إلى الفرنسيين أن الإرهاب الذى ضربكم ثلاث مرات فى شهر، فأثار الهلع بينكم، قد ضربنا سنوات متتالية، ولكن الله كتب لنا أن نتصدى له، وأن نلاحقه، ليس فقط دفاعًا عن أنفسنا، وإنما درءًا لخطره عن منطقة بكاملها!.
والذين يعرفون أن سفينة تركية جرى تفتيشها قبل أسابيع فى عرض البحر المتوسط على أيدى الألمان بحثًا عن سلاح فيها تحمله إلى ليبيا يدركون أن دعوة الرئيس إلى محاسبة الدول التى ترعى الإرهاب وتموله فى المنطقة هى دعوة لها ما يبررها فى موضوعها!.
وحتى لا ننسى.. فإن مجلس النواب الأمريكى مرر مشروع قانون، أول هذا الشهر، لفرض عقوبات على الكيانات المتورطة فى تشجيع الإرهاب على أرض ليبيا، ثم خص المشروع تركيا وذكرها بالاسم !.. ولذلك.. فدعوات القاهرة المتكررة إلى محاسبة الدول راعية الإرهاب تقوم على رصد ما يجرى حولها، وتقوم على الوعى بخطورة ترك مثل هذه الدول تمارس ما تمارسه!