بقلم : سليمان جودة
لم تشأ أكاديمية نوبل فى السويد أن تكتفى بمنح جائزة الأدب لهذا العام إلى الشاعرة الأمريكية، لويز جليك، وإنما أضافت عبارة، عند الحديث عن مبررات المنح، لابد أن نتوقف أمامها!
العبارة تقول إن منح الجائزة فى الأدب وفى غير الأدب يتم وفق اعتبارات الجودة، وإن السياسة لا دخل لها فى الموضوع!
والحقيقة أنك عندما تتذكر أن آبى أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، حصل على الجائزة فى السلام، قبل عام من الآن، تكتشف أن الحديث عن عدم تدخل السياسة فى منح «نوبل» هو حديث تنقصه الدقة بمثل ما يفتقر كثيرًا إلى الموضوعية!
لقد حاز رئيس الوزراء الإثيوبى هذه الجائزة الأرفع فى العالم وهو فى أشد لحظات تعنت حكومته مع مصر والسودان فى قضية ماء النيل، وكان يقول الكلام، ثم يتصرف بعكسه طول الوقت، وكانت سياساته فى ملف سد النهضة تهدد السلام فى الإقليم، ولا تزال!
وحين قيل إن السلام الذى أسس له آبى أحمد فى علاقة بلاده مع إريتريا المجاورة هو سبب ذهاب الجائزة إليه كان ذلك من نوع الحق الذى يُراد به باطل لأن السعى إلى السلام قضية لا تتجزأ، ولأن الرجل الذى يحصل على «نوبل» فى السلام بالذات لابد أن يكون سعيه إلى السلام سياسة عامة من جانبه فى منطقته، وليس مجرد سعى جزئى مع دولة تقع معه على الحدود المباشرة!
كان منح الجائزة له على وجه التحديد فى أكتوبر الماضى مُحاطًا بالكثير من علامات الاستفهام، وكان الأمل أن تعتدل سياساته بعدها لعل علامات الاستفهام تتبدد، لولا أن ذلك لم يحدث.. بل العكس هو الذى حدث، ولا يزال يحدث.. وكان آخر ما حدث أن حكومته أعلنت حظر الطيران فوق السد، بكل ما فى هذا القرار من سوء نية تجاه السودان كبلد ممر ومصر كبلد مصب!
السياسة كانت حاضرة فى جائزة آبى أحمد وكانت ظاهرة، وهذه مسألة تشير لك إلى مدى الفصام الذى يصيب ما يسمى «المجتمع الدولى» حولنا.. إنه فى الغالب يقول عكس ما يفعل، ويذهب بجائزة نوبل فى السلام إلى رجل يعمل ضد السلام!