بقلم : سليمان جودة
سألوا نجيب محفوظ، فى أعقاب محاولة الاعتداء على حياته 1995، عن الرواية التى قرأها كاملةً بعد الحادث إلى آخرها، فقال: «لا أحد ينام فى الإسكندرية»، لكاتبها إبراهيم عبدالمجيد!.. وكانت هذه شهادة فى حق «عبدالمجيد» من أديب نوبل، لا أظن أنه كان فى حاجة إلى شهادة من أحد بعدها!
وعندما كتب روايتين غيرها فى نفس موضوعها اشتهرت الروايات الثلاث بأنها: ثلاثية الإسكندرية.. وحين قرر أن يكتب سيرة ذاتية عن مجمل المشوار جعلها فريدة من نوعها، وأصدرها، قبل أسابيع، عن «بيت الياسمين»، تحت هذا العنوان: الأيام الحلوة فقط!
أما لماذا هى فريدة فلأنه اختار كل ما كان حلوًا فى مسيرته الممتدة، ثم راح يكتبه بأسلوب سردى جميل يجعل القارئ لاهثًا وراء السطور!
كان فى مقدوره أن يضاعف مساحة السيرة مرات لو أنه كتب كل ما رآه فى حياته منذ نشأته فى الإسكندرية، ثم عمله موظفًا فى شركة الترسانة البحرية، ومن بعدها فى الثقافة الجماهيرية، ومن بعدهما فى هيئة الكتاب مع الدكتور سمير سرحان، أشهر الذين جلسوا على رأس الهيئة، وأكثر الذين منحوها طاقة على العمل وعلى الوجود فى حياة الناس.. يرحم الله سمير سرحان!
إبراهيم عبدالمجيد كاتب يعرفه القارئ خارج البلاد من ترجمات أعماله بقدر ما يعرفه القارئ هنا من خلال أدبه المبدع، وكذلك من تواجده الحى فى الإعلام كاتبًا للمقال، ومتحدثًا فى الشأن العام، وراويًا للكثير مما عاشه وعايشه على مر الأيام!.. وعندما تحدث عنه الوزير الفنان فاروق حسنى، ذات يوم، قال إنهم فى باريس يقرأون رواياته فى المترو.. وكانت هذه حقيقة ولاتزال!
لقد حشد فى سيرته كل ما هو حلو عمّن عرفهم على طول المسيرة، من أول خيرى شلبى، إلى سعيد الكفراوى، إلى نجيب سرور، إلى محمد كشيك، إلى إبراهيم أصلان، إلى عبدالوهاب الأسوانى، إلى فاروق عبدالقادر، إلى رضوى عاشور.. وغيرهم.. وغيرهم، وفى كل مرة كان يضبط نفسه متلبسًا بالخوض فى شىء ليس حلوًا كان يعتذر للقارئ، وكان يستدير على الفور إلى ما هو حلو، وفقط.. فهذا ما تعهد به منذ السطر الأول، وقد ظل محافظًا عليه حتى السطر الأخير!
وفى كل حياته كان قادرًا على أن يستغنى، وأن يعود إلى أدبه، الذى كان ملاذه فى كل الأوقات، ولذلك أعطاه الأدب ولايزال يعطيه