بقلم : سليمان جودة
بما أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية عن قرب توزيع لقاح ڤيروس كورونا، يتحول الموضوع بينها وبين روسيا بالذات إلى ملف سياسى فى المقام الأول، بدلًا من أن يكون ملفًا صحيًا مجردًا ينقذ العالم مما أصابه ولا يزال يصيبه من وقف الحال.. ولا عزاء لمرضى الوباء المساكين!
فالدكتور روبرت ريدفيلد، مدير المراكز الأمريكية للوقاية من الأمراض، طلب من حكام الولايات الاستعداد لتوزيع اللقاح، الذى ستكشف عنه إدارة الرئيس دونالد ترامب أول نوفمبر!
ومعنى هذا أن المواطن الأمريكى الذى سيحصل على جرعة من اللقاح المرتقب سوف يحصل عليها وهو فى طريقه إلى صندوق الانتخابات لاختيار ترامب أو اختيار المرشح الديمقراطى المنافس جوزيف بايدن!
والمثل الشعبى يقول: إطعم الفم تستحى العين!!.. وهذا ما تفعله إدارة ترامب بالضبط إذا صح ما تقوله عن اللقاح الجديد، وإذا تمكنت بالفعل من توزيعه أول نوفمبر، أى قبل بدء الانتخابات بساعات.. فليس من المُتصوَّر أن يحصل الناخب الأمريكى على جرعة من لقاح أنتجته إدارة ترامب، ثم يذهب فيمنح صوته للمرشح «بايدن».. فالطبيعى بحكم طبائع البشر أن يعطى صوته لمرشح الإدارة التى وفرت له اللقاح!
سوف يحدث هذا فى الغالب، اللهم إلا إذا تنبه الناخب وقرر اتباع أسلوب التصويت العقابى، بأن يرفض هذا الاستخفاف بعقله من جانب ترامب، ويقرر منح صوته لـ«بايدن» ليس حبًا فيه، ولكن كرهًا فى الرئيس الحالى، الذى ظل يدخر اللقاح فى مختبرات إدارته انتظارًا لموعد الانتخابات، ورغبةً فى توظيفه لصالح مركزه الانتخابى، وترجمته إلى أصوات فى رصيده أمام المرشح المنافس!
يجوز أن يتصرف الناخب بهذا الأسلوب إذا ما تنبه إلى أن ترامب لم يهتم كثيرًا بضحايا الوباء، الذين وصل عددهم هناك إلى 185 ألفًا، واهتم فقط بالعائد الذى سيجلبه اللقاح فى صناديق الاقتراع!
ولم يكن الرئيس الروسى بوتين بعيدًا عن هذا المربع حين أعلن قبل أيام أن لقاح بلاده جاهز، وأن الأجهزة المختصة جربته على ابنته نفسها، وأنه سينزل الأسواق فى هذا الشهر.. فالرغبة الروسية فى إحراز هدف فى مرمى واشنطن على مرأى من العالم كانت واضحة أمام كل عين.. ولا عزاء أيضًا للمصابين المساكين فى كل مكان!