بقلم : سليمان جودة
أعجبنى أن يقرر الدكتور سلطان القاسمى، حاكم إمارة الشارقة، تخصيص عشرة ملايين درهم إماراتى لشراء أحدث إصدارات دور النشر المشاركة فى معرض الشارقة للكتاب، الذى ينعقد فى نوفمبر من كل سنة.. وأعجبنى أن يقول الأستاذ أحمد العامرى، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، إن قرار حاكم الإمارة يحمل «رسالة» إلى صانعى الكتاب حول العالم، موجزها أنهم ليسوا وحدهم فى مواجهة عواقب ڤيروس كورونا!
هذا قرار لابد أن يقدره كل قارئ يدرك قيمة الكتاب فى حياة الإنسان، وهذا قرار يدل على أن صاحبه رجل يرى ما تعرضت له صناعة النشر فى أجواء كورونا ثم لا يبقى متفرجًا، وإنما يقف مع الكتاب وقفة شجاعة تظل مذكورة فى ميزانه عند كل تقييم لمسيرته فى الحياة!
كلنا يعرف أن دور النشر عانت، منذ بدء انتشار الڤيروس، كما لم يحدث أن عانت من قبل، وكلنا يعرف أن معاناتها لاتزال مستمرة، وكلنا يعرف أن بعضها لم يستطع أن يصمد أمام خسائره فأغلق أبوابه مضطرًا.. كلنا يعرف هذا ويراه ثم يحزن لأنه لا يستطيع فعل شىء!
وكلنا يعرف أن إغلاق أى دار نشر تحت ضغط ضربات كورونا هو بمثابة إغلاق نافذة من نوافذ النور فى المجتمع، وهو بمثابة إطفاء شعاع يضىء للناس بعض الطريق.. كلنا يعرف ثم يأسى وفقط!
إلا الدكتور القاسمى.. الذى لما عرف ذلك ورآه أحزنه الأمر مثلنا بالتأكيد، ولكنه لم يشأ أن يتوقف عند مرحلة الحزن على حال دور النشر، وقرر من تلقاء نفسه دون دعوة من أحد أن يبادر فيرفع عنها بعضًا من المعاناة وبعضًا من الخسائر!
والرجل قد أنجز شيئين فى وقت واحد، أحدهما أنه لم يفرق بين دور النشر الإماراتية، والعربية، والعالمية، ولكنه قرر دعمها كلها دون تفرقة ودون تمييز، مادامت مشاركة فى المعرض.. فهو يدعم الكتاب ككتاب أيًا كانت الأرض التى صدر فيها.. وقد فعل ذلك لأنه يعرف أن غمامات الڤيروس القاتمة قد خيمت فوق الجميع، ولأنه يعرف أن يد الڤيروس الثقيلة قد راحت تضغط على أعصاب كل صاحب دار نشر بأكثر من اللازم، وبأكثر مما هو فى حيز القدرة على الاحتمال!
والشىء الثانى أن الدكتور القاسمى قد أخذ الإصدارات التى اشتراها بالملايين العشرة ليزود بها مكتبات الشارقة العامة والحكومية والأكاديمية!.. فكأنه قد حقق هدفين معًا.. وفى الحالتين كان ينتصر للكتاب الذى لو نطق لكان فى غاية الامتنان!