بقلم : سليمان جودة
توقفت أمام بيان صدر عن الخارجية الأمريكية، وتساءلت من جانبى عما إذا كانت الولايات المتحدة تريد منا أن نصدقها فيما جاء فى البيان، أم أنها تعرف بينها وبين نفسها أن الكيل بمكيالين فى بيان خارجيتها سيجعلنا لا نصدقه، ولا نصدقها بالتالى فى أشياء أخرى سواه؟!
قالت مورجان أورتاجوس، المتحدثة باسم الخارجية، وهى تزف البيان إلينا، إن الوزارة تدين استقبال الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، وإن استقبال هنية مع الوفد المرافق له فى أنقرة سيكون سبباً من أسباب عزلة تركيا دولياً!
استوقفتنى عبارات المتحدثة مورجان وهى تقول فيه إن حماس مصنفة حركة إرهابية على يد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وإن استقبال قادتها فى العاصمة التركية يجعل منها عاصمة واقفة فى صف الإرهاب ومساندة له على طول الخط!
طبعاً.. تستحق تركيا أن تواجه عزلة دولية ليس فقط بسبب هذا الاستقبال، ولكن لأسباب أخرى كثيرة مضافة إليه.. من بين هذه الأسباب سماحها لعناصر فى تنظيم داعش بالعبور من الأراضى التركية إلى سوريا والعراق، طوال الفترة التى اتخذ فيها التنظيم من تلك المناطق مقراً لما سماه دولة الخلافة، ومن بين الأسباب أيضاً عناصر الميليشيات والمرتزقة الذين أرسلتهم وترسلهم إلى غرب ليبيا!
ولكن المفارقة المدهشة أن واشنطن تعرف جيداً أن هنية يقيم منذ شهور فى العاصمة القطرية الدوحة، ومع ذلك فإنها تغض البصر عن إقامته هناك، ولا ترى فيها أن الدوحة تستضيف قيادات حركة من حركات الإرهاب، وتستيقظ فقط عندما يخرج هو وقيادات حركته ليزور أنقرة ويلتقى أردوغان!
الدوحة فى نظر إدارة دونالد ترامب عاصمة مهذبة، ومؤدبة، وبنت حلال، ولا تستضيف قيادات حركة من حركات الإرهاب، فإذا انتقلت القيادات نفسها إلى العاصمة التركية صارت أنقرة عاصمة غير مهذبة، وغير مؤدبة، وبنت حرام، مع أن العاصمتين فى استضافة أهل الإرهاب سواء!
ولكنه الكيل بمكيالين الذى تمارسه أمريكا معنا فى المنطقة كثيراً، ثم تتساءل ببراءة الأطفال: لماذا لا تصدقوننى؟!