بقلم : سليمان جودة
كانت القصة الخبرية الأهم فى أحداث الأيام الماضية هى قصة «فتاة المعادى» التى فقدت حياتها سحلًا فى الشارع.. وكذلك «سيدة الزقازيق» التى قتلها خمسة أشخاص معًا، وضربها أحدهم بموقد كيروسين فى رأسها حتى قضى عليها!.
وفى الحالتين كان الهدف هو السرقة.. كان شابان قد خطفا حقيبة الفتاة، فلما تمسكت بها، راح أحدهما يجرّها حتى اصطدم رأسها بسيارة وسقطت تصارع الموت!!.. وفى الزقازيق كانت المصوغات التى تملكها السيدة وراء التخطيط بين الجناة الخمسة للتخلص منها!.
وربما تعيد الواقعة الأولى تذكيرنا بواقعة مماثلة كان الدكتور عبدالعظيم رمضان- يرحمه الله- بطلًا لها فى لندن.. كان يحمل كاميرا فى يده فخطفها لص وحاول الفرار بها، لولا أن الدكتور رمضان تشبث بها إلى آخر لحظة، ورغم أن اللص راح يجرّه على الرصيف كما هو حال فتاة المعادى المسكينة بالضبط، إلا أن المؤرخ الراحل لم يتركها أبدًا فلم يكن أمام اللص إلا أن يفر هاربًا!.
أما القتل فى حالة الفتاة، وفى حالة السيدة، فليس هو الهدف، ولكن السرقة هى الهدف الأخير، وفى الحالتين لم يتورّع الجناة عن ارتكاب أبشع ما يمكن ارتكابه فى سبيل الوصول إلى هذا الهدف الأخير!.
وهذا فى الحقيقة هو ما يتعين أن يشغل بال المجتمع على مستوياته التى تدرس وتخطط وتقرر، لأن الواقعتين مجرد نموذج من بين وقائع كثيرة سابقة ومشابهة، ولأن هذا يضعهما فى الخانة الاقتصادية أكثر مما يضعهما فى المربع الأمنى أو القانونى!.
ولابد أن الهتافات التى انطلقت أثناء تشييع جثمان الفتاه فى السيدة نفيسة تطلب الإعدام للمتهمين هى هتافات لها ما يبررها، كما أن الذين رددوها معذورون.. فليس أوجع من قلب والد الفتاة الذى راح يبكى كالطفل، ولا أوجع من قلب أمها التى انهارت وغابت عن الوعى!.
والمتابعون لصفحات الحوادث فى الصحف سوف يلاحظون تكرار مثل هذه الوقائع بطريقة مثيرة للقلق.. والمدققون فى تفاصيلها سوف يرون أن الذين يرتكبونها عاطلون عن العمل أو باحثون عنه بكل وسيلة.. ولذلك، فهذا ما يجب أن يستوقفنا بقوة، وهذا ما يجب أن نفتش له عن حل، وهذا ما يجب أن يجعلنا على يقين بأن كل مَنْ يوفر فرصة عمل لإنسان لا بد أن يقام له تمثال!.