بقلم - سليمان جودة
لا تملك وأنت تتابع ما يجرى في تونس على الحدود مع ليبيا إلا أن تزداد إعجاباً بهذه المرأة التي تهتز لها أركان البرلمان في تونس العاصمة، كلما وقفت لتتحدث في مواجهة الشيخ راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية!.
إننا كثيراً ما نتكلم عن المرأة التي هي بمائة رجل، ولا نفعل ذلك إلا في مناسبة تكون فيها المرأة المقصودة قد ضربت المثل في الشجاعة، وفى الجرأة، وفى القدرة على أن تقول للأعمى على الملأ إنه أعمى.. دون خشية من أحد، ودون خوف من شىء!.
هذا بالضبط ما تفعله هذه السيدة التونسية، في كل مرة ترى فيها أن عليها أن تقف لتتكلم أمام جلسة من جلسات المجلس النيابى!.
المرأة هي السيدة «عبير موسى»، التي تترأس حزباً سياسياً اسمه «الحزب الدستورى الحر».. ورغم أنه ليس أعلى الأحزاب تمثيلاً في البرلمان، إلا أن أداءها في كل الجلسات منذ تشكل المجلس نهاية العام الماضى جعل من حزبها اسماً على مسمى، من حيث قدرتها على الحديث بحرية، ومن حيث رغبتها في إرغام الشيخ الغنوشى على احترام دستور البلاد!.
والشيخ الغنوشى ليس رئيساً لحركة النهضة فقط، ولكنه أيضاً رئيس للبرلمان، وبهذه الصفة الثانية تواجهه عبير موسى، وتعقد له محاكمة سياسية مباشرة مع انعقاد كل جلسة برلمانية جديدة، ولا تتوقف عن الدعوة إلى مساءلته، بل تدعو إلى سحب الثقة منه في رئاسة البرلمان!.
وفى الجلسة التي انعقدت الأربعاء قبل الماضى، كان الشيخ راشد على المنصة، وكانت هي في مقعدها بين النواب، ثم كانت تضع ما يمارسه سياسياً منذ فترة في إطاره الصحيح، وتلفت انتباه كل تونسى يتابع الجلسة إلى أن رئيس حركة النهضة يقدم مصلحة تركيا وقطر على مصلحة تونس، وأن ذلك لا بد أن يكون محل محاسبة ومساءلة، لأن صالح البلاد يجب ألا يتقدم عليه شىء آخر!.
كانت تقدم الدليل وهى تواجه الرجل بما فعل، وكانت تعيد تذكير التونسيين بأنه زار تركيا والتقى أردوغان، دون أن يكون البرلمان على علم، ولا حتى الرئيس التونسى قيس سعيد.. وكانت تقدم الدليل وهى تسأله عن السبب الذي دعاه إلى إقحام تونس في القضية الليبية بوقوفه مع طرف ضد طرف، في صراعٍ تدفع ليبيا ثمنه من استقرارها، ومن أمنها، ومن ثرواتها التي هي ملك لكل ليبى، وليست ملكاً لأردوغان، ولا لأى تركى من وراء أردوغان!.. هذه سيدة تعطى درساً لكل عربى في أصول الانتماء إلى الأوطان!