بقلم : محمد أمين
لا أتصور أن الذين أطلقوا مبادرة «لا للتعصب» كانو يقصدون أنها مبادرة ليوم واحد، أو لمباراة واحدة، ولكن بالتأكيد كانوا يريدونها على امتداد العام، وفى كل الأحوال العامة، وليس فى الرياضة فقط، وأنا هنا أشجع الفكرة من حيث هى فكرة، وأتضامن معها لتكون على المستوى الرياضى والسياسى والدينى، لأنها مبادرة للحياة!.
وبالتأكيد فإن حشد الناس حول فكرة من هذا النوع سلوك جيد، ينبغى تعميمه.. وينبغى أن يتحول إلى برنامج عمل لا ينتهى بانتهاء مباراة الأهلى والزمالك.. وإن كانت كل المعانى قد توفرت فى مباراة القمة دون غيرها.. ولكنى أفتح القوس عن آخره ليشمل كل ملامح الاستقطاب السياسى والدينى والاجتماعى أيضًا!.
فالناس لا يتعصبون للأهلى أو للزمالك فقط.. مع أن المبارة التى رأيناها لم تكن تحتاج للتعصب.. خصوصًا أن الفائز مصرى والخاسر مصرى والكأس فى النهاية مصرية.. وقد كان من ذكاء أصحاب المبادرة أنهم قالوا «اللى هيفوز هنفرح له، واللى هيخسر هنهيصه له»، وكتبوا أغنية لأمينة فى هذا السياق.. إنها فكرة جيدة لنبذ التعصب وتبنتها وزارة الشباب والرياضة، وساعدها فى ذلك عدد كبير من الفنانين والرياضيين والكتاب!.
وكنت أتمنى أن يشارك فيها سياسيون يقبلهم الرأى العام حتى نقف ضد الاستقطاب السياسى.. فمصر على امتداد تاريخها تنبذ التعصب وتشجع الوسطية السياسية والدينية، وحتى الاجتماعية.. ولا بد أن تعود مصر كما كانت قبلة الوسطية والالتزام والانضباط.. وقد تابعت ما طالبت به نقابة الإعلاميين أعضاءها فى تغطية المباراة، وأهم ما طالبت به العودة للحياد والمهنية والاحترافية، وهى خطوة ممتازة يمكن البناء عليها!.
والحياد هو عصب الإعلام وأصل من أصول المهنية والاحتراف، وهو الذى يحفظ للإعلام بقاءه وتألقه، أما الإعلام المنحاز فهو إعلام فاشل سواء كان رياضيًّا أو سياسيًّا أو دينيًّا، ويؤدى فى النهاية إلى نفور الجمهور وانصرافه.. وأظن أننا عشنا هذا الصنف من الإعلام مؤخرًا وكان سببًا فى ابتعاد الجمهور وانصرافه إلى الإعلام الآخر!.
ومما أوصت به النقابة أعضاءها، الالتزام ببث الحقائق من مصادرها والتحقق من سلامتها، والابتعاد عن نشر الأخبار الكاذبة أو المزيفة لأنها تحرق أعصاب الجمهور ويمكن أن تؤدى إلى فتنة.. بالإضافة إلى عدم نشر خطاب يحض على الكراهية، واحترام النظام العام والآداب العامة، ومقتضيات الأمن القومى، والالتزام بميثاق الشرف الإعلامى.. وهى كلها قيم نبيلة تعلمناها ودرسناها فى أول سنة من كلية الإعلام.. وأرجو أن يتم العمل طبقًا لهذه القيم أمس واليوم وغدًا!.
وشددت النقابة على الالتزام بعدم الدخول فى ملاسنات أو مشاحنات إعلامية، والامتناع عن إثارة الكراهية أو التحريض عليها.. ويا ليت هذا يكون الخطاب الإعلامى الذى تلتزم به الفضائيات فى كل الأحوال.. فلا نرى تسريبات ولا حملات موجهة ضد مواطن أو سياسى أو وزير!.
المهنية هى الحل لكل هذه التصرفات السيئة، التى تحيد عن الإعلام الحقيقى وتسىء لإعلام مصر المسموع والمقروء والمرئى.. نريد حلا!.