بقلم : محمد أمين
لا أتحدث الآن عن صورة الملكة إليزابيث التى نعرفها، وإنما أتحدث عن صورتها فى الدراما الشهيرة التى تذاع حاليًا تحت عنوان «ذا كراون» أو «التاج».. وهو المسلسل الذى غيّر رؤية العالم للعائلة المالكة فى بريطانيا، فقد دخل أبطال المسلسل القصر الملكى وأخرجوا كل أسراره، ورأى الناس العائلة التى يعيشون معها ولا يعرفونها!.
واستعرض المسلسل علاقة الملكة بابنها الأمير تشارلز، وعلاقتها بالأميرة ديانا وأحفادها، وكيف كانت عقدة ابنها الأمير تشارلز الذى انتظر حلمًا لا يأتى، وهو أن يصبح ملكًا بعد أمه.. كما رأينا أبطال المسلسل وهم يتحدثون عن الملكة فى الصحافة الإنجليزية وهى موجودة.. فلا أحد منع المسلسل.. ولا أحد أقام دعوى قضائية لإيقافه.. ولا أحد أنكر شيئًا مما ذكره المسلسل، وهو لا يقدم تاريخًا بالمناسبة، ولكنها دراما للتسلية، وإن غيّرت صورة العائلة أمام الناس!.
فقد عاشت الملكة عمرًا طويلًا، وكانت شاهدة على التاريخ، وعاصرت 12 رئيسًا أمريكيًا، التقت بـ11 منهم والتقطت صورًا معهم، ليظل الرئيس الأمريكى السابق ليندون جونسون الوحيد الذى لم تلتقِ به أثناء مدة حكمه.. ولكن هل تغيرت صورة الملكية فى عيون البريطانيين؟!.
الإجابة أن هذا الأمر ربما تعرض للنقاش، حتى إن أبطال المسلسل هناك منهم من لا يؤمن بالملكية، ويرى أن الجمهورية هى الأنسب كنظام حكم لبريطانيا، ومع ذلك فهو يحترم الملكة ويقدرها، ويرى أنها كانت وطنية، حافظت على البلاد ضد كل الأعاصير التى واجهت بريطانيا!.
المثير أن الأمير تشارلز كشف عن عقدته من الملكة التى تعاملت معه بجفاء، ويحكى الأمير أنها كانت عائدة من السفر وجرى إليها لينام فى أحضانها، فسلمت عليه بروح تخلو من الأمومة، وكانت تتذكر البروتوكول الملكى أكثر من ابنها، فعاملته بطريقة بروتوكولية وسلمت عليه من بعيد.. وهذه هى النقطة الخلافية التى كانت بين الملكة والأميرة ديانا، فكانت تعامل أطفالها بشكل إنسانى، وكانت الملكة تلقى عليها اللوم والعتاب، باعتبارها ستفسد تقاليد القصر!.
وكانت حكاية ديانا أول قصة طلاق وأول صدمة فى حياة القصر، ثم كانت حادثة قتلها أول حادثة تهز القصر وتجعل من أخباره مادة يومية للصحف، دون أن يعترض عليها أحد.. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت أخبار القصر مادة على كل لسان، وصولًا إلى قصة زواج الأمير هارى وتنازله عن مهامه الملكية وهجرته إلى كندا، دون شعور بوخز الأمومة.. وصمت الجميع ولم يتدخل أحد، غير الملكة نفسها!.
وأخيرًا، نحن أمام دراما ثرية تستحق أن نشاهدها.. ويحسب لها أنها أذاعت الأسرار وغيرت صورة القصر فى عيون العالم، دون أن تهتف ضد الملكية أو تطالب بإسقاطها، ولكنه كان يحمل لها كل تقدير واحترام.. ورأت الملكة، وهى حية، ملامح الصورة التى سيكتبها عنها التاريخ. والسؤال: هل أضر مسلسل «التاج» بالأمير تشارلز نفسه، خاصة أنه ربما يكون على مرمى حجر من اعتلاء العرش؟!.