بقلم : محمد أمين
مازال العالم يقرأ.. المهم ماذا يقرأ؟.. إنهم يقرأون الآن مذكرات أوباما.. قمة المتعة والإثارة.. فلماذا لا نقدم لجمهورنا الكتب والمذكرات التى تستحق القراءة؟.. ومبدئيًا لا أطيق أوباما لمواقفه من مصر، ولكن تخيلوا مبيعات مذكرات أوباما حتى الآن 890 ألف نسخة، فى 24 ساعة.. كما أن مذكرات ميشيل أوباما بلغت أكثر من مليونى نسخة، فى 15 يومًا فقط، وحققت أرقامًا قياسية غير مسبوقة، فلماذا لا ينشر السياسيون فى بلادنا مذكراتهم، وقد عاشوا أخطر فترة فى تاريخ البلاد؟!.
ومن المتوقع أن تحتل مذكرات أوباما «أرض الميعاد» مرتبة المذكرات الرئاسية الأكثر مبيعًا فى التاريخ، وفيها يسترجع أوباما ذكرياته عن الزعماء العرب وزعماء العالم.. فمنهم مَن ترك لديه انطباعًا جيدًا ومنهم مَن لم يترك أى شىء!.
ويتذكر رئيس وزراء بريطانيا، ديفيد كاميرون، فيقول إنه هادئ وواثق، ويتمتع بثقة طبيعية لشخص لم تتعرض حياته لضغوط شديدة من قبل.. وقال إنه كان يشعر تجاهه بالارتياح كشخص.. ويقول: «أحببته كشخص حتى عندما كنا نختلف، مع أننى لم أكن أتفق معه فى سياساته الاقتصادية، رغم أنه كان ملتزمًا على نحو كبير بعقيدة السوق الحرة».
وتتناول المذكرات طرفًا من حياة الرئيس بوتين، فيقول أوباما إنه كان يُذكِّره ببارونات السياسة فى شيكاغو، الذين التقى بهم فى بداية حياته المهنية، كان مثل حاكم مقاطعة، ولكنه يمتلك أسلحة نووية وحق الفيتو فى مجلس الأمن!.
وعن العالم العربى يحكى أنه التقى بالرئيس مبارك، ووصفه بأنه رجل مُسِنّ، يعيش فى قصره الرئاسى منعزلًا، ويدير شؤونه من خلال موظفين مُحنَّطين، وقد اختلطت عندهم مصالح الوطن بمصالحهم الشخصية، ويقول عندما ذهب إلى السعودية أيام الملك عبدالله، حاولوا إعطاءه مجوهرات فاخرة، ولكنه وجد العالم من حوله بلا ألوان.. أبيض وأسود.. كأنه يشير إلى الرجال الذين يلبسون الجلباب الأبيض، والنساء اللاتى يرتدين الزى الأسود، وهى إشارة إلى فكرة الصوت الواحد والرؤية الواحدة!.
وهى إشارات سريعة إلى نظام الحكم فى كل بلد عربى أو أوروبى زاره على مدى زياراته الرئاسية.. ويعرض الرئيس أوباما صورة قاتمة لكثير من قيادات الشرق الأوسط فى مذكراته الجديدة، التى يقول فيها إنه مازال يخشى أن الضغوط التى مارسها خلال الربيع العربى لم تكن دائمًا موضوعية، ويعترف بأنه لو كان شابًا مصريًا لنزل فى المظاهرات لمواجهة الظلم والاستبداد والتحجر!.
وباختصار، فهى مذكرات فاضحة وكاشفة لأنظمة الاستبداد فى العالم، وخاصة الشرق الأوسط، الذى شعر تجاهه بالقتامة، ووصفه بأنه «عالم بلا ألوان».. وهى المعايير التى يؤمن بها بايدن، الرئيس الأمريكى المنتخب.. وقد جرت فى النهر مياه كثيرة، وتغيرت خريطة المنطقة، وهو الأمر الذى ينبغى على بايدن نفسه أن يتعامل معه!.