بقلم : محمد أمين
رغم تأخر عملية انتقال السلطة، وعدم اعتراف ترامب بالهزيمة، فإن بايدن لم ينتظر حتى يتم تمكينه، ولكنه قام بتعيين فريقه الرئاسى.. وأنا شخصيًا تعجبنى فكرة الفريق.. فكما تم انتخاب بايدن فإن فريقه لا يتم التصديق عليه إلا من خلال الكونجرس أيضًا، وبالتالى يُعتبر الجميع منتخبًا.. ولو اعترض الكونجرس على أى مرشح فسوف يرشح له أسماء أخرى حتى يوافق الكونجرس.. فالقصة كلها تخضع للاختيار والتصديق لأن هذا الفريق هو الذى سيدير أمريكا!
وتخضع عملية الاختيار لتقديم أفضل العناصر، وهى بالمناسبة عناصر معروفة لأعضاء الكونجرس، ولم تسقط بالبراشوت على العمل العام.. وهى كاشفة لطبيعة توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، ولذلك رأى المحللون أن إدارة بايدن سيكون لديها الكثير من الأولويات، وإذا كان تعيين الموظفين هو سياسة فى حد ذاتها، فإن سياسة بايدن تتبلور تباعًا لتبدو شبيهة إلى حد كبير بسياسة باراك أوباما، ولكن هناك رأى لبايدن نفسه، الذى قال إنها ليست دورة ثالثة لأوباما، ولكنها إدارة جديدة يقودها بايدن، وقد تبدو قريبة الشبه لكنها ستكون مختلفة!
صحيح أنهم جميعًا كانوا مسؤولين رفيعى المستوى فى إدارة أوباما، فهذا هو وجه الشبه فقط، خاصة باختيار جون كيرى، وزير الخارجية الأسبق، ليكون مبعوثًا رئاسيًا خاصًا للمناخ، وسيكون له مقعد خاص فى مجلس الأمن.. وهو منصب جديد ظهر مع إدارة بايدن.. وهو يؤكد اهتمام بايدن بالمناخ الذى أهمله ترامب، ويؤكد اعتماد بايدن على خبرة الإدارة الديمقراطية الأخيرة! وتشغلنى هنا فكرة الفريق.. الفريق الرئاسى والفريق العلمى، وكل عمل من هذا النوع، خاصة فى مجال السياسة أو البحث العلمى.. فكثيرًا ما كنت أسمع الدكتور أحمد زويل، عليه رحمة الله، يتحدث عن فريقه البحثى.. وهذا هو فريق بايدن وقبله أوباما وفى المنتصف فريق ترامب، الذى استقال معظمه على امتداد فترته الرئاسية.. وكانت «نوبل» تذهب إلى فريق هذا العالم أو غيره.. فلا أحد يعمل فى فراغ ولا أحد يعمل بمفرده أبدًا!
وقد ذكرتُ فى مقال سابق أن الحزب الديمقراطى هو الذى يبدأ من عنده التغيير فى أمريكا والعالم، على مستوى الاختيار، سواء المرأة أو الشباب.. فكانت كامالا هاريس أول نائب للرئيس فى التاريخ، وهى من أصل إفريقى، كما أن بايدن رشح سيدة هى الأولى فى تاريخ أمريكا لتكون وزيرة دفاع، وسيدة أخرى للاستخبارات الوطنية.. وبالتالى أصبح عندنا ثلاث كسرن الحظر، نائبة الرئيس والمرشحتان للدفاع والاستخبارات، فضلًا عن كون الأولى معاقة لتعرضها للقصف أثناء مهمة رسمية فى العراق!
باختصار، إنها رحلة البحث عن وجوه جديدة نشطة غير مثقلة بالإرث الذى تخلفه سنوات طويلة من الخدمة فى مؤسسات الحكومة الأمريكية.. هذه هى ملامح الفريق الذى بحث عنه بايدن، وأظن أنه اهتدى إليه فى النهاية، فجاء مزيجًا من أصول إفريقية وآسيوية، وهى الشريحة التى اختارت بايدن، من أصول إفريقية وآسيوية ولاتينية!