بقلم : محمد أمين
الآن تقترب مصر شيئًا فشيئًا من مفتاح الحل لأزمة سد النهضة، وأعتقد أن اللقاء الرئاسى المشترك بين الرئيس السيسى والرئيس سلفا كير قد يضع النقاط فوق الحروف.. وأظن أنه كان يفترض أن تكون جنوب السودان ممثلة فى اجتماعات سد النهضة، من أول يوم!
ولو حدث ذلك منذ البداية لكان هناك نوع من التوازن فى الموقف.. ومع هذا فمازلنا فى أول الطريق للحل.. ودخول جنوب السودان على الخط مهم، ورسالة تفهمها إثيوبيا، فمصر الآن تقف على حدود إثيوبيا، وهى خطوة تختلف شكلًا ومضمونًا.. وقد تناولت مباحثات الرئيسين تعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مجالات عديدة أهمها فى مجال الموارد المائية!
وأشار الرئيس السيسى، فى كلمته، إلى أن رؤية مصر تستند إلى أن نهر النيل مصدر للتعاون والتنمية كشريان حياة لجميع شعوب ودول حوض نهر النيل العظيم، وتم استعراض التطورات الخاصة بقضية سد النهضة، ومسار المفاوضات الجارية، بهدف التوصل لاتفاق ملزم لإثيوبيا!
وأظن أن إثيوبيا كانت تسمع اسمها أمس بطريقة مختلفة لأول مرة.. فالكلام أصبح على حدودها مباشرة، كما أنه ليس مجرد كلام سياسة، ولكنه تحذير قوى جدًّا، فى ظل ظروف سياسية صعبة تعيشها إثيوبيا مع إقليم تيجراى، وتحييد إريتريا، ومناورات سيف العرب 2020.. ومطالبات أممية بحماية المدنيين فى إثيوبيا، وهى بداية حصار عالمى لأبى أحمد، قد يبدأ من جنوب السودان!
وأتخيل أن أى مفاوضات قادمة ستكون مختلفة، وستضع إثيوبيا فى اعتبارها مساعى مصر لتطويق القرار الإثيوبى، واستعدادها لعمل كل شىء من أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى، وحماية حقوق مصر فى مياه النهر، كما أن دخول جنوب السودان الشقيقة على الخط يغير قواعد اللعبة، بدرجة كبيرة!
هذه خطوة مهمة جدًّا وتحرك كبير، يعكس فهمًا عميقًا ومتميزًا لأصول التعامل فى منطقة القرن الإفريقى، وعندى شعور جيد بأهمية وجود جنوب السودان ضمن مفاوضات سد النهضة، وبالتأكيد فإن سلفا كير يعرف كيف يتصرف بلغة إفريقية مناسبة لمواجهة أزمة سد النهضة.. ويمكنك أن ترى صورة سلفا كير ممشوقًا وهو يمسك عصاه، يثير الرعب ويحفظ التوازن فى المفاوضات، قبل أن يتحدث!
ولم يفت الرئيس السيسى أن يتحدث عن دور سلفا كير فى نجاح المفاوضات بين السودان والفصائل الثورية، وقدرته على دعم الاستقرار فى إفريقيا، وكأنه يعطى سلفا كير حقه الذى ادعاه أبى أحمد لنفسه.. ومعناه أن سلفا كير سودانى ويعرف التفاهم مع السودانيين، ويعرف التفاوض مع الإثيوبيين فى إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر وجنوب السودان!
وقد أكد الرئيس دعمه الكامل لجنوب السودان وتحدث عن علاقات مشتركة منذ الأزل.. وقال إن جنوب السودان دولة شقيقة تربطنا بها علاقات تاريخية، وذكّر سلفا كير بأهمية حل مشكلة سد النهضة ووضع اتفاق ملزم لكل الأطراف!
وفى الحقيقة فقد كانت الكلمة مكتوبة بعناية شديدة، ومحسوبة بدقة، بحيث وصلت من خلالها كل الرسائل للأطراف المعنية!