بقلم : محمد أمين
وحشتونى جداً.. قضيت «ويك إند» فى «ألمنيا» عروس الصعيد، وليس ألمانيا عروس أوروبا.. وقمت بجولة أثرية رائعة مع مجموعة من الشباب يحبون مصر، ويرفعون شعار اكتشف كنوز بلدك!
بدأت الجولة بزيارة لشهيدة الحب ايزادورا، معشوقة طه حسين عميد الأدب العربى، وانتهت بزيارة لشهداء الصحابة فى البهنسا.. وبين الاثنين زرت دير السيدة العذراء وكنيسة شهداء ليبيا.. وقمت بجولة فى نيل المنيا أوسع وأنظف مكان فى النيل.. وترحمت على صديقى الدكتور وجدى النجدى أحد أعيان المنيا وعاشق مصر.. كثيراً ما كان يكلمنى عن جو المنيا صيفاً وشتاء.. وهو بالفعل جو ساحر.. ومناخ رائع، وفوق ذلك لا تخلو المنيا من كنوز وآثار فى كل شبر منها، وهى بلد البقيع الثانى حيث يدفن فيها 70 من الصحابة أيام الفتح الإسلامى لمصر!
ذهبت إلى تونا الجبل فى ملوى.. أو تونة الجبل.. والاسم لا يعنى سمك التونة إطلاقاً، وإنما يعنى البحيرة التى تحوطها الجبال.. وهناك وجدت استراحة عن يمينى للدكتور سامى جبرة، صاحب الاكتشافات الأثرية العظيمة، وهو عديل الدكتور طه حسين، وعن اليسار استراحة العميد نفسه، التى كتب فيها رواية دعاء الكروان، وتم تمثيل الفيلم فى هذه الاستراحة!
وكان طه حسين دائم التردد على هذه الاستراحة بجوار محبوبته ايزادورا.. وقصتها أن فتاة صغيرة وأميرة رائعة الجمال أحبت ضابط جيش مصريًا، فرفض أبوها، فأصرت أن تتزوجه أو تنتحر، فسمح لها أبوها، وركبت مركباً فى النيل لتذهب إليه فى البر الشرقى، فما إن رآها قادمة ورأته حتى تهللت واختل توازن المركب، وسقطت فى النيل غريقة، فتم تخليدها فى تونة الجبل بمقبرة خاصة بكاها فيها والدها وخلدها بمرثية شعرية تاريخية، كتبها باليونانية.. ظلت شاهدة على قصة الحب، وندم الأب!
فهل هناك أميرة الآن أو وزيرة تحب واحداً من عامة الشعب كل هذا الحب؟.. أم أنها لابد أن تتزوج وزيراً أو أميراً؟.. ولذلك عاشت قصة الحب وكانت مصدر إلهام للدكتور طه حسين فى معظم كتاباته!
ويقال إنها كانت فى احتفالية للإله «تحوت» إله الحكمة والمعرفة، فعرفته وأحبته من أول نظرة.. وكانت تلتقيه عند البحيرة بجوار قصر والدها وظلت تحبه لمدة ثلاث سنوات.. ولما تأثر قلب ابنته الصغيرة بهذا الحب سمح لها، فلم تتمكن من الزواج به، وبعد غرقها بكاها الأب، وظل الحبيب على وفائه لها، وكان يزور قبرها كل يوم كأنه فى زيارة لها!
وفى ختام الجولة، زرت مقبرة السبع بنات، ويقال إنهن راهبات الدير، وكن يقدمن الطعام لجنود الإسلام، فلما عرف الرومان بذلك قتلوهن، بعد أن أسلمن.. ومن يومها أصبح المكان مزاراً فى البهنسا، ودليلاً على انتصار الإسلام ودخوله من حصن البهنسا، الذى اعتبر عمر بن الخطاب سقوط الحصن بداية فتح مصر وإفريقيا.. وهكذا سمعنا من حكايات التاريخ فى المنيا التى تتميز بعراقة التاريخ وسحر الحاضر، على ضفاف النيل الخالد