بقلم : محمد أمين
لماذا كانت الأجواء فى قصر الإليزيه مختلفة هذه المرة، لانعقاد القمة المصرية الفرنسية؟.. ولماذا سافر الرئيس السيسى إلى باريس رغم أجواء وباء الكورونا؟.. وما أهمية هذه الزيارة مقارنة بأى زيارة رئاسية سابقة؟.. الإجابة دون ترتيب هى أن ماكرون كان يلتقى حليفًا كبيرًا يتقاسم معه مشكلات منطقة شرق المتوسط وليبيا ولبنان، كما أن الملفات الاقتصادية لا تقل أهمية عن الملفات السياسية، وبالتالى فإن هذه الزيارة تختلف أيضاً لأن الملف الأهم الذى كان يشغل ماكرون هو ملف الإرهاب، ومصر تملك خريطة طريق للقضاء عليه، وكان هذا سر حفاوة الاستقبال، لأنها تقريبًا نفس الشواغل المصرية!
وأظن أنها آخر زيارة رئاسية للخارج قبل الإغلاق الثانى، فى أوروبا وربما سائر دول العالم شرقاً وغرباً، وقد تم تحديد توقيتها بعناية شديدة، لإنجاز ملفات سياسية واقتصادية هامة للغاية.. تهم كلا البلدين.. وبالتالى فهناك موضوعات كثيرة يمكن الكلام بشأنها وليس الاقتصار على تصريحات من عينة «دراسة آخر المستجدات فى المنطقة» والعلاقات الثنائية بين البلدين، وهى الديباجة المعروفة حين لا يكون هناك موضوع!
هى إذن زيارة مفيدة مع دولة صديقة وكبيرة، وموضوعات مشتركة وحساسة، خاصة إذا كانت تركيا تحتل جزءاً مهمًا من المباحثات، لمواجهة التوسع التركى والتهديدات فى شرق المتوسط وليبيا، وكما قال السفير بسام راضى المتحدث الرسمى «إن الزيارة تأتى فى إطار حرص الجانبين على تنمية العلاقات الاستراتيجية، التى تجمع بين البلدين، وبحث سبل تعزيزها خلال الفترة المقبلة».. وقد بدأت الزيارة بلقاء وزير الخارجية، وانتهاء بوزيرة الدفاع أو وزيرة الجيوش الفرنسية، قبل القمة مباشرة!
ولم تنس القمة الثنائية أن تناقش قضية السلام فى المنطقة وعودة كل حقوق الشعب الفلسطينى، وفقاً للقرارات والمرجعيات التاريخية، ودفع جهود السلام واستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وهو كلام له أهميته فى ظل التطبيع العربى مع إسرائيل، ورسالة إلى إدارة بايدن المنتخبة!
كما اهتمت القمة الثنائية باستعادة السياحة الفرنسية إلى مصر، ودعم القضة الليبية، فى ضوء التطابق الكامل فى مواقف البلدين من رفض التدخل الخارجى فيها، ونقل المقاتلين الأجانب والميليشيات من العراق وسوريا إلى ليبيا، والاقتسام العادل والشفاف لكل الثروات.. وهى رسالة بعلم الوصول لتركيا!
وبالتالى فهى زيارة ليست من أجل مصر وحدها، ولكن باسم ليبيا وفلسطين أيضاً.. وهو ما يفسر لقاءات الرئيس التى سبقت الزيارة مع الرئيس عباس أبو مازن، والقادة الليبيين، وهو ما يعنى أن الرئيس كان متحدثاً رسمياً، ليس باسم مصر وحدها، ولكن باسم دول عربية شقيقة.. الأمر الذى كان يستدعى المخاطرة!
وباختصار، فإن الأمر كان يحتاج إلى زيارة رسمية حقيقية لفرنسا، ولا يمكن أن يحل محلها زيارة افتراضية عبر «تطبيق زوم».. ومن أجل ذلك كانت هذه الحفاوة الرسمية لرئيس مصر فى قصر الإليزيه!