بقلم : محمد أمين
هل يعقل أن تكون المساحة الأكبر من اهتمامات الناس هذه الأيام لأمرين لا ثالث لهما، رغم كل الظروف التى تمر بها البلاد والأحداث التى تتعلق بكورونا والامتحانات وتخفيض سعر الفائدة وانكماش وكسل الاقتصاد فى العالم؟.. الأمر الأول وصول الزرافات إلى حديقة الحيوانات وزواج سونس أو سوسن، وتأجيل الزواج بعد أن تهيأت الزرافة لليلة الزفاف؟، لقد صاحبت رحلة الزرافات إلى مصر عملية لغط كبير وأصبح الجمهور متخصصًا فى حياة الزراف، لدرجة أنه يفهم فى الأكل والتربية والزواج.. والأمر الثانى الخناقة على طارق العريان بين زوجاته وطليقاته!.
فهل نحن فعلًا شعب يعرف أولوياته، أم أننا أصبنا بحالة زهق من كل شىء، وأصبحنا نتكلم عن أى تفاهات وخناقات، حتى أصبح زواج الزرافة تريند، وأصبح موضوعا عائليا حديث الناس كلها.. كيف حدث هذا التحول فى حياة المصريين وكيف انقلبت الأولويات بهذا الشكل الخطير؟!.
أصبحنا نستيقظ فى الصباح على تريند لا نعرف من وضع أساسه، ولا من جعله على أجندة الرأى العام.. ليلة نستيقظ على إلغاء الامتحانات.. ولا يقول عاقل بهذا الأمر، ولم يشرحوا لنا كيفية الانتقال بين الصفوف ولا كيفية تقييم الطلاب.. وليلة تحدث خناقة على زيجات طارق العريان، وكأن هناك من يحدد له من يختار؟.. وليلة يكون التريند زواج سونسن، التى قلبوها إلى سوسن.. حتى إن لسان حال الزرافة يقول: يا ريت اللى مركز معايا يسيبنى فى حالى، الجوازة باظت!.
وتحولت وسائل التواصل الاجتماعى إلى مسخرة وحالة غريبة فالكل يدلو بدلوه ويشارك بأى قفشة أو نكتة أو تعليق مهما كان ساخرًا.. وقد يصل إلى حد التنمر والسخرية.. ومن كثرة الكلام تحدث صدمة ويتم تأجيل حفل الزفاف، لتشعر الزرافة التى انتظرت كثيرًا بالحزن، لأن عريس الغفلة طلع صغير عليها ولا بد أن تنتظر حتى يكبر!.
القصة فيها حالة دراما وشجن فالعروس انتظرت 11 عامًا، لحين وصول وفد الزرافات، على متن طائرة شحن من جنوب إفريقيا، والمفاجأة أن عمر الزرافات الجديدة يصل إلى عامين، وارتفاع الواحدة فيهم متران.. وصلت الزرافات بعد مفاوضات طويلة فى الرحلة الأخيرة، قبل غلق مطار جنوب إفريقيا، بسبب الموجة الثانية لفيروس كورونا، المهم أن العروس انتظرت حتى جاء العريس أصغر عمرًا وطولًا.. فيبدو أن العروس رفضت فى ليلة الزفاف وطلبت فرصة أخرى!.
السؤال: هل كانت مصر وقضاياها أولى بهذا الوقت أم لا؟.. هل كنا أولى بهذا الاهتمام الكبير على وسائل التواصل الاجتماعى أم لا؟.. هل هذا الشعب يمكن أن ينشغل بعمل حزبى أو تطوعى بدلًا من هذا العبث وتضييع الوقت فى لا شىء؟.. إننى أدعو الدولة المصرية، لتنشيط الحياة الحزبية فى مصر، حتى نستفيد بهذه الطاقات فى عمل يخدم مصر ويضم شبابها إلى الحياة بدلًا من هذا الإهدار الكبير للوقت والجهد!.