بقلم : محمد أمين
ضاع عمرنا ونحن نأكل الكشرى من أيدى شباب مؤهلات متوسطة، وبلا مؤهلات أصلًا.. الآن بنجاح تستطيع أن تأكل الكشرى من أيدى مؤهلات عليا بتقدير جيد جدًا، وخمس سنوات خبرة فى الشغلانة، بالإضافة إلى إجادة اللغة الإنجليزية بمستوى متقدم أيضًا.. الفرصة يقدمها أحد محلات الكشرى، ويشترط أيضًا العمل 12 ساعة يوميًا، أى خارج قوانين العمل، وسيُصرف له «يونيفورم» ووجبة كشرى يومية!
نسيت أن أقول إن المرتب 1200 جنيه، زائد 400 جنيه حوافز، أى 1600 جنيه فى الشهر.. تخيل هذا الكرم: مؤهل عالٍ وكورسات «إنجليزى» وتقدير جيد جدًا، ليعمل بائع كشرى؟.. يعنى اليوم 50 جنيهًا، والساعة خمسة جنيهات فى اليوم.. ولا أستبعد أن يكون صاحب محلات الكشرى قد وقّع بروتوكول تعاون مع الجامعة أو وزارة التعليم العالى لتقديم فرص عمل فى أسبوع التوظيف بالجامعة.. ماذا حدث؟.. هل رخصنا إلى هذا الحد؟.. وما حاجة محلات الكشرى لخريجين مؤهلات عليا بتقدير جيد جدًا، ويجيدون اللغة الإنجليزية بطلاقة؟!
هل هى محلات سياحية تستقبل سائحين وتدفع ضرائب سياحية وتُعتبر فرصة حقيقية للخريجين؟.. وأين وزارة القوى العاملة من هذا المستثمر، الذى لا يلتزم بأى قواعد للتشغيل، ولا يلتزم بساعات العمل المعمول بها دوليًا؟!.. وما معنى هذا المرتب بالنسبة للشركات العربية التى تطلب عمالة مصرية؟.. وكيف سمحت الحكومة المصرية بذلك التدنى؟.. القصة ليست مسألة عرض وطلب.. وليس من حقه أن يطلب مؤهلات عليا دون المتوسطة.. هذه مسألة فيها تمييز.. ثم إن بائع الكشرى أو مَن يقدم الكشرى لا يحتاج لأى خبرة ولا مؤهلات عليا ولا لغة إنجليزية!
قولًا واحدًا، هذا المستثمر يسخر من المصريين ويستعملهم بالسخرة.. وفى هذه الحالات ينبغى أن تتدخل الحكومة لتجبره على تطبيق قانون العمل، وفتح المجال أمام جميع الفئات وجميع الشهادات حتى محو الأمية.. فقد عشنا نأكل من أيدى ناس بلا مؤهلات ولم يتأثر الطعم ولم نشعر بأى فرق.. فهل الهدف إذلال المصريين أمام كثرة الطلب على العمل؟.. وهل يُعقل أن تكون شغلانة من هذا النوع فقط تحتاج إلى كل هذه المؤهلات؟!
فما الذى تفعله محلات الكباب فى الشباب؟ وما المؤهلات التى تطلبها؟ هل تطلب حاصلًا على ماجستير على الأقل؟.. وهل تعطيه مرتبًا أقل، نظير ساندويتش كفتة فى نهاية اليوم؟.. كيف وصل بنا هذا الحد فى إذلال الشباب؟.. وهل يُعقل أن نعامل مستقبل مصر بهذا الهوان؟.. هل نقترب من تشغيل الشباب نظير وجبة طعام فى اليوم؟!
أتمنى أن يكون الإعلان مجرد نكتة وليس حقيقة ساطعة.. وأتمنى أيضًا أن يخرج صاحب المحلات بتصريح لتوضيح ما إذا كان الكلام المنشور على صفحات «فيس بوك» حقيقة أم أكذوبة من أكاذيب الـ«سوشيال ميديا»، وهى كثيرة.. أتمنى!