بقلم : محمد أمين
فى صدر نشرات الأخبار سوف تجد خبرًا كل يوم عن هذا الإقليم.. وسوف تسمع المذيعة وهى تنطق الاسم بطريقة تختلف عن زميلتها فى نشرة سابقة أو لاحقة.. لا هى تعرف شيئًا عن الاسم، ولا تعرف نطقه الصحيح.. منهن من تقرأ باخ بالخاء ومنهن من تقرأ باغ بالغين.. أى أنه لم يتم الاستقرار حتى على الاسم.. فلماذا كل هذا الاهتمام بالصراع الدائر فى الإقليم بين أرمينيا وأذربيجان.. سمعنا عنه فجأة ولم نعرف ما علاقتنا به؟.. هل هناك علاقة اقتصادية أو سياسية؟.. هل هناك علاقة دينية لأن أذربيجان مسلمة مثلًا؟.
وهناك أيضًا اهتمام كبير بآخر بأخبار انتخابات أمريكا الرئاسية، ولا يوجد خبر واحد عن الانتخابات البرلمانية المصرية.. وكل هؤلاء يتوارون بعد خبر إقليم ناجورنو قره باغ.. مع أن روسيا المجاورة لأرمينيا، والتى تقود منطقة شرق أوروبا قد لا تهتم بهذا الشكل، ولا تنحاز لأرمينيا مثلًا.. بينما فرنسا تهتم بالإقليم فى مواجهة تركيا التوسعية.. فهل اهتمام مصر بالإقليم نوع من التحدى لتركيا أم انحياز لأرمينيا؟!.
المؤكد أن فرنسا ضد تركيا فى شرق أوروبا وضد تركيا فى شرق المتوسط وضدها فى مواجهة أطماعها.. وبالتالى فإننى لا أستبعد أن مصر ضد هذا التوسع التركى، سواء فى البحر المتوسط أو ليبيا أو فى الإقليم المتنازع عليه.. وهو نوع من المواجهة خارج المنطقة، انضمت إليه الإمارات أيضًا.. فكل الدول المناوئة لتركيا سوف تكون هناك ضد تركيا وإن كانت تناصر أرمينيا.. وهى مسألة مصالح لا شىء فيها، وإن كانت تركيا قد حولتها إلى حرب دينية بين الإسلام والمسيحية واستخدمت ميليشيات مسلحة إخوانية هناك، تذكرنا بما جرى أيام الاتحاد السوفيتى وأفغانستان!.
هذه المرة لم ينطل علينا ما يفعله أردوغان فى إقليم «قره باغ».. فلا اعتبرناها حربا إسلامية فى مواجهة أرمينيا المسيحية.. ولا أى شىء.. ولكنها أطماع تركيا التى قد تخسر فيها أذربيجان بسبب انحياز أردوغان لها.. وقد تخسر فيها العالم الإسلامى.. ويكون أقصى شىء أن تتم تغطية الصراع فى الإقليم إعلاميًا، والكلام عن الهدنة وصافرات الإنذار وخلافه دون أدنى تعاطف، لأن الدول العربية والإسلامية لن تنحاز إلى جبهة فيها تركيا، التى تهدد استقرار الدول العربية، وتمزقها بحجة عودة الخلافة الإسلامية من جديد!.
باختصار، هذا هو التفسير المنطقى، لاهتمام نشرات الأخبار بالإقليم، ووجوده فى صدر النشرات الإخبارية، حتى إنك يمكن أن تسمع الخبر عدة مرات وأنت فى سيارتك.. المثير أنه لا أحد يشرح أو يحلل الخبر تحليلًا سياسيًا، ولم يقل لنا أحد ما علاقة مصر بهذا الإقليم.. لأنه لا يمكن أن يقول لك إن موقف مصر هناك هو ضد توسع تركيا، ويتسق مع موقف مصر هنا فى ليبيا وشرق المتوسط!.