سين وجيم عن الحداثة ١

سين وجيم عن الحداثة (١)

المغرب اليوم -

سين وجيم عن الحداثة ١

بقلم : خالد منتصر

طلبت من صديقى المفكر المغربى الكبير سعيد ناشيد أن يجيب عن أسئلة كثير من الشباب من مختلف أنحاء العالم العربى يسألون عن ما هى الحداثة؟ وقد استجاب صديقى الرائع الجميل وكتب بقلمه الرشيق الإجابة على هيئة سؤال وجواب، سأنشرها على ٣ حلقات، كتب ناشيد:

لا أكتب تحت الطلب، لكن الطالب هذه المرة هو الدكتور خالد منتصر، ما يعنى أنى سأكتب ليس تحت الطلب بل خلف الطلب، طالما حدس الرجل استباقى كما أعرفه، وهو من أكثر الناس دراية بما ينقص العقول.

ذاك هو الطالب فما المطلوب؟

ورقة تجيب عن السؤال الشائك: ما الحداثة؟ بأسلوب واضح، طالما -يقول فيلسوف اللغة فيتجنشتاين- كل ما يمكن قوله يمكن قوله بوضوح. الوضوح درس فيلسوف العقل ديكارت، وبالتالى فهو الدرس الأول للعصر الحديث، ومنه ننطلق.

تبسيط الأمور على طريقة سؤال جواب هو الأسلوب الأكثر بلاغة وشعبية، ولذلك سنعول عليه.

سؤال: ما الحداثة بالضبط؟

جواب: الحداثة مرحلة من مراحل تطور الحضارة الإنسانية، وُلدت فى جنوب أوروبا خلال القرنين 15 و16 مع النهضة الفنية والكشوفات الجغرافية، وترعرعت فى أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية خلال القرنين 18 و19، مع فلسفات الأنوار والثورة الفرنسية ووثيقة استقلال أمريكا، ثم ازدهرت مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى أواسط القرن 20، وصولاً إلى العولمة، الإنترنت، الجينوم، الذكاء الاصطناعى، وإعمار الفضاء، خلال القرن 21.

سؤال: طالما تتميز الفترة الراهنة بالازدهار حسب وصفك، ألن تعقبها مرحلة التدهور وفق قانون الحضارات، وكما ينذر بعض المثقفين الغربيين أنفسهم؟ ألا تكون شيخوخة السكان، وغياب المثل العليا، وطوفان المهاجرين، وصعود الصين، والإرهاب العالمى، من عوامل الانهيار؟ أليس من طبيعة الحضارات أن تولد وتموت، وأن تعقب فترة ازدهارها مرحلة الأفول؟

جواب: يجب عدم الخلط بين الحضارات المحلية والحضارة الإنسانية، الحضارات المحلية تتعاقب بالفعل، لكنها تتعاقب داخل الحضارة الإنسانية التى لا تزال تنمو منذ آلاف السنين. مثلاً، العصر الحجرى لم يتدهور بل تطور إلى مستويات أعلى، مروراً بالعصر الحجرى القديم، ثم الوسيط، ثم الحديث، وصولاً إلى عصر المعادن وما بعده، لكن داخل العصر الحجرى انهارت حضارات محلية ونشأت حضارات أخرى على أساس الخصائص الكونية للعصر الحجرى، وكذلك سائر العصور الأخرى. على المنوال نفسه يجب عدم الخلط بين الحضارة الحديثة باعتبارها عصراً من عصور الحضارة البشرية، والحضارة الغربية باعتبارها حضارة محلية رغم أنها المساهم الأكبر فى بناء الحضارة الحديثة. إن الحداثة لهى المفهوم الدال على الحضارة الحديثة والتى تشمل البشرية جمعاء بتفاوت كبير فى درجة الاستيعاب ومستوى المساهمة.

بصدد مصير الغرب بعد مائة عام من الآن، لا أستطيع أن أتكهن بأى شىء، لكن بصدد مصير الحداثة فرؤيتى واضحة: حتى ولو انهار الغرب لأى سبب من الأسباب (الحرب، الشيخوخة، صعود الصين، تسونامى المهاجرين، إلخ) فإن الحداثة باعتبارها عصراً من عصور التاريخ البشرى لا يمكنها أن تنهار، اللهم إلا إذا تعرضت البشرية جمعاء لكارثة كونية غير مسبوقة، لقد أنتجت الحداثة حالة جديدة من الوعى الإنسانى، لا يمكن التراجع عنها رغم طابعها الدراماتيكى، لقد اكتشف الوعى البشرى لأول مرة فى التاريخ أن السيادة على الإنسان مكان فارغ، وأن الحل الباقى أمام الإنسان أن يكون سيد نفسه، وأن الأعمدة الأساسية لتحقيق ذلك هى ثلاثة: العلم (فن المعرفة)، الحكمة (فن العيش)، والمواطنة (فن العيش المشترك)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سين وجيم عن الحداثة ١ سين وجيم عن الحداثة ١



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya