«مارادونا» الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل

«مارادونا».. الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل

المغرب اليوم -

«مارادونا» الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل

بقلم : خالد منتصر

فى حب «مارادونا» كتب وقيل الكثير والكثير، بكى الجميع رحيل مارادونا، رجال سياسة وشعراء وفنانون ورجال أعمال ومواطنون غلابة وأطفال شوارع وساكنو قصور ورجال دين ورجال مافيا!!، ليس فقط لأنه أيقونة متعة كرة القدم، وليس لأنه الأسطورة، وأعظم من لمس تلك البالونة السحرية المستديرة فى تاريخ تلك اللعبة، وليس لأنه الباترون الذى يقيسون عليه حجم الموهبة، ولكن مآقيهم غسلتها دموع الشجن، لأن مارادونا بالإضافة لكل ذلك وبالرغم من كل ذلك، لم يدَّعِ أنه ملاك، عاش الحياة بطولها وعرضها حتى الثمالة، لم يخطط لنجوميته، بل ترك جنونه الجامح يرسم جدارية هى ملخص الملحمة، ملحمة الصراع فى كرة القدم بين المتعة والبهجة والخروج من الإطار وبين الآلية والتكنولوجيا والتخطيط للبيزنس والانصياع للخطة وقمع الخيال.

من أهم وأجمل ما كُتب عن مارادونا، ما كتبه الروائى العالمى الشهير ابن أوروجواى إدوارد جاليانو فى كتابه «كرة القدم فى الشمس والظل»، وهناك عدة صفحات فى الكتاب عن حادث طرد مارادونا ومنعه من الاشتراك فى كأس العالم ١٩٩٤ بسبب اتهامه بتعاطى مادة الإيفيدرين المنشطة، نقتبس منها الفقرات التالية:

ظهر الإيفيدرين فى تحليل البول وتم طرد مارادونا من كأس العالم 1994، كان هناك ذهول وفضيحة، انفجار إدانة أخلاقية ترك العالم كله أصم، ولكن بطريقة ما، تمكنت بعض أصوات الدعم للمعبود الذى سقط، ليس فقط فى الأرجنتين الجريحة، ولكن فى أماكن بعيدة مثل بنجلاديش، حيث هزت الشوارع مظاهرة كبيرة تطالب بعودة مارادونا، لم يكن من السهل أن ننسى أن مارادونا ارتكب لسنوات عديدة خطيئة كونه الأفضل، وجريمة التحدث علناً عن الأشياء التى يريدها الأقوياء صمتاً.

لم يستخدم دييجو أرماندو مارادونا المنشطات قبل المباريات لتوسيع حدود جسده، صحيح أنه كان مغرماً بالكوكايين، لكن فقط فى الحفلات الحزينة حيث أراد أن ينسى أو يُنسى لأنه حاصره المجد ولا يستطيع العيش بدون الشهرة التى لن تسمح له بالعيش فى سلام، لعب أفضل من أى شخص آخر على الرغم من الكوكايين، وليس بسببه، لقد غمره ثقل شخصيته، منذ ذلك اليوم منذ فترة طويلة عندما هتف المشجعون باسمه لأول مرة، تسبب عموده الفقرى فى حزنه، حمل مارادونا عبئاً اسمه مارادونا أدى إلى ثنى ظهره، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً ليدرك أنه من المستحيل التعايش مع مسئولية أن يكون إلهاً فى الميدان.

فى وقت لاحق فى نابولى، كان مارادونا هو سانتا مارادونا، باعوا فى الشوارع صوراً لهذه الألوهية فى سراويل قصيرة تنيرها هالة العذراء أو ملفوفة فى عباءة القديس الذى ينزف كل ستة أشهر، وحتى أنهم باعوا توابيت لنوادى شمال إيطاليا وزجاجات صغيرة مليئة بدموع سيلفيو برلسكونى، ارتدى الأطفال والكلاب شعر مارادونا المستعار، وضع أحدهم كرة تحت قدم تمثال دانتى، لقد مر أكثر من نصف قرن منذ أن فازت هذه المدينة، التى حُكم عليها بمعاناة غيظ فيزوف والهزيمة الأبدية فى ملعب كرة القدم، بالبطولة للمرة الأخيرة، وبفضل مارادونا تمكن الجنوب المظلم أخيراً من إذلال الشمال الأبيض الذى احتقرها.

عندما تم طرد مارادونا أخيراً من كأس العالم 94، خسرت كرة القدم أقوى متمرديها. وكذلك لاعب رائع، مارادونا لا يمكن السيطرة عليه عندما يتحدث، ولكن أكثر من ذلك بكثير عندما يلعب، لا أحد يستطيع أن يتنبأ بالحيل الشيطانية التى سيحلم بها مخترع المفاجآت هذا من أجل المتعة البسيطة المتمثلة فى إبعاد أجهزة الكمبيوتر عن المسار، الحيل التى لا يكررها أبداً، إنه ليس سريعاً، مثل ثور قصير الساق، لكنه يحمل الكرة مخيطاً بقدمه ولديه عينان فى جميع أنحاء جسده، تضيئان حركاته البهلوانية الحقل، يمكنه الفوز بمباراة من خلال انفجار مدوى عندما يكون ظهره للمرمى، أو بتمريرة مستحيلة من بعيد عندما تصطدم به آلاف أرجل العدو، ولا يمكن لأحد أن يمنعه عندما يقرر المراوغة لأعلى، فى كرة القدم المتجمدة فى عالم اليوم، والتى تكره الهزيمة وتمنع كل مرح، كان هذا الرجل من بين القلائل الذين أثبتوا أن الخيال أيضاً يمكن أن يكون فعالاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مارادونا» الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل «مارادونا» الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya