وصلتنى رسالة من الصديق د. بهى الدين مرسى الذى يقوم بمهمة تثقيف صحى عظيمة يجب علينا تشجيعها وإلقاء الضوء عليها، وله جزيل الشكر على ذلك، يقول د. بهى فى رسالته:
«سوف يكون جهاز المناعة ممتناً لك إن تجنبت وسائل إضعافه».
تعال أولاً لنتعرف إلى جهاز المناعة:
بينما يتكون الجهاز البولى (مثلاً) من أعضاء مختلفة هى الكليتان والحالبان والمثانة البولية ومجرى البول، وكل عضو منها له وصف تشريحى وموقع محدد بالجسم (وكذلك بقية أجهزة الجسم)، إلا أن الجهاز المناعى ليس متفرداً بأعضاء تخصه، فهو «ضيف» يوجد متناثراً على أعضاء متفرقة من الجسم، ولذلك هو مكون وظيفى أكثر منه مكوناً تشريحياً.
المناطق التى يسكنها الجهاز المناعى هى:
- كريات الدم البيضاء التى تسبح مع الدم.
- العقد الليمفاوية التى تشرف كل مجموعة منها على بقعة جغرافية من الجسم مثل الرقبة والذراع والعانة وحول الأمعاء وغيرها، وتقوم بتصفية السائل الليمفاوى الوسيط بين الخلايا والدم، وكذلك اللوزتان.
- جزء من النسيج النخاعى بتجويف العظام القصبية.
- بعض الخلايا المتناثرة بالطحال.
- البروتينات المناعية السابحة بالدم.
- وظائف الطرد والدفاع الانعكاسية مثل السعال، والعطس، والإسهال وارتفاع الحرارة وانقباض الشعيرات الدموية والرعشة وعشرات الوظائف الأخرى.
- التحكم فى إنتاج ونشاط بعض الهرمونات وتصنيع بعض الخلايا الخاصة به مثل الخلايا «التائية» نسبة إلى الحرف (T) والغدة الزعترية.
وظيفة الجهاز المناعى دفاعية، أمّا سلامته فيستمدها من سلامة بقية أعضاء الجسم.
لا ينتظر منك جهاز المناعة أكلات بعينها لتتعاظم وظيفته، فهو لا يعبأ بتناولك الكافيار أو البروكلى أو السالمون المدخن أو بقية الأكلات البحرية ولا غذاء ملكات النحل ولا غيرها من القوائم الغذائية التى نالت سمعة مغرية فى هذا الشأن، ولا حتى تناول الفيتامينات والمعادن بغير نقص فى الجسم أو تناول مضادات الأكسدة، فكلها لا تخدم جهاز المناعة.
فى الحقيقة، «مكرمة» جهاز المناعة ليست فى تناول أغذية بعينها، بل فى تجنب الأذى لأعضاء الجسم، وهى تحديداً:
التدخين، فأثر التدخين ليس فى الضرر التراكمى على الرئتين عبر عشرات السنين، بل فى تسمم مكونات جهاز المناعة من النيكوتين والقطران وهى مواد تستنفد طاقة جهاز المناعة فى التخلص منها، فهناك خلايا فى الرئة تُعرف بخلايا «عمال النظافة» Scavenger Cells، وهى تبذل جهداً مضنياً فى التخلص من زيت القطران وهباب التدخين.
ضبط مستويات السكر فى مرضى السكر.
التأكد من حسن سير وظيفة الغدة الدرقية وضبط مستوى هرمون الدرق، وكذلك الغدة جار- الدرقية التى تُعنى بضبط التمثيل الغذائى للكالسيوم.
تجنب المخدرات والإفراط الكحولى لأن هذه المواد تعيق تحكم المخ فى إفراز المورفينات الداخلية وهرمونات السعادة.
تجنب اضطرابات النوم والسهر وإحداث خلل فى وظيفة الساعة البيولوجية عبر إفراز هرمون الميلاتونين.
تجنب أذى الكليتين بنقص التوازن المائى فى الجسم ورفع العبء الواقع على الكلى للتخلص من النيكوتين، ومن ضمن مؤذيات الكلى تناول الخل فى الطعام والمشروبات الغازية، مما يدفعها لبذل جهد كبير لإعادة حموضة الدم للمستوى الطبيعى.
التأكد من عدم وجود نقص فى فيتامين د.
وتطول القائمة لتشمل تأذى الكبد والعظام وبقية أعضاء الجسم والغدد الصمّاء، خاصة الكظرية التى تفرز الكورتيزون.
خلاصة القول: سلامة جهاز المناعة هى محصلة سلامة أجهزة الجسم وانتظام وظائفه، لذلك فإن الأمراض المزمنة تخصم حصة لا بأس بها من كفاءة جهاز المناعة.
ويبقى سؤالان:
1- هل لمضادات الأكسدة ومشروبات الطاقة وتجرع الفيتامينات والمعادن أى عائد على جهاز المناعة؟
الإجابة حسماً: لا، إلا فى حالة نقص فيتامين أو أحد المعادن بعينه حتى يتم تعويضه.
2- هل من أغذية معينة ترفع القدرة المناعية؟
الإجابة: بعيداً عن المراوغة والسفسطة الإيحائية، لا عبرة للأغذية عالية الرفاهية كما أسلفنا، فالطعام المتوازن العادى من الخبز والبقوليات ومنتجات الألبان وطبق السلاطة الخضراء والبروتين المتنوع يفى بالغرض.