كيف ينفذ فيروس الكورونا جريمته

كيف ينفذ فيروس الكورونا جريمته؟

المغرب اليوم -

كيف ينفذ فيروس الكورونا جريمته

خالد منتصر
بقلم - خالد منتصر

ماذا يحدث للجسم عندما يكون مصاباً بفيروس الكورونا؟ هل هو قاتل عن طريق الرئتين والفشل التنفسى فقط؟ الإجابة لا، إنها قصة متشعبة تشترك فيها أعضاء كثيرة فى الجسم، طعنات الفيروس تتخطى الصدر وتنشب مخالبها فى أماكن أخرى، سنتعرف فى هذا المقال على سيناريو القتل كيف يتم، وبما أن السلالة الجديدة تتشابه وراثياً مع السارس لدرجة أنها ورثت العنوان «سارس - CoV - 2» لذا، فإن الجمع بين البحث المبكر عن تفشى المرض الجديد والدروس السابقة من سارس و«MERS» يمكن أن يوفر إجابة.

أولاً الرئتان:

بالنسبة لمعظم المرضى، يبدأ «COVID-19» وينتهى فى الرئتين، لأنه مثل الإنفلونزا مرض تنفسى. بعد تفشى السارس، أفادت منظمة الصحة العالمية أن المرض عادة ما يهاجم الرئتين على ثلاث مراحل: التكاثر الفيروسى، وفرط التفاعل المناعى، والتدمير الرئوى، لم يمر جميع المرضى بجميع المراحل الثلاث. فى الواقع، عانى 25 بالمائة فقط من مرضى السارس من فشل فى الجهاز التنفسى، وهو العلامة المميزة للحالات الشديدة. وبالمثل، يسبب «COVID-19»، وفقاً للبيانات المبكرة، أعراضاً أقل اعتدالاً فى حوالى 82 فى المائة من الحالات، فى حين أن الباقى يكون شديداً أو حرجاً، فى الأيام الأولى من الإصابة، يغزو الفيروس التاجى الجديد خلايا الرئة البشرية بسرعة. تأتى خلايا الرئة فى فئتين: الخلايا التى تصنع المخاط والأخرى التى تحتوى على ما يشبه الشعر وتسمى الأهداب، يساعد المخاط على حماية أنسجة الرئة من مسببات الأمراض والتأكد من عدم تجفيف جهاز التنفس، أما خلايا الأهداب حول المخاط فتزيل الحطام مثل حبوب اللقاح أو الفيروسات، يصيب مرض السارس ويقتل خلايا الأهداب التى تنفث بعد ذلك وتملأ المجارى الهوائية للمرضى بالحطام والسوائل، ويُفترض أن الشىء نفسه يحدث مع الفيروس التاجى الجديد، وذلك لأن الدراسات الأولى على «COVID-19» أظهرت أن العديد من المرضى يصابون بالالتهاب الرئوى فى كلتا الرئتين، مصحوباً بأعراض مثل ضيق التنفس، وذلك عندما تبدأ المرحلة الثانية. وبسبب وجود غزو فيروسى، يتصاعد عمل أجسامنا لمكافحة المرض عن طريق غمر الرئتين بالخلايا المناعية لإزالة الأضرار وإصلاح أنسجة الرئة. عند العمل بشكل صحيح، يتم تنظيم هذه العملية الالتهابية بإحكام وتقتصر فقط على المناطق المصابة، لكن فى بعض الأحيان، يفرط جهاز المناعة فى هذا السلوك النشط، وتقتل تلك الخلايا أى شىء فى طريقها، بما فى ذلك الأنسجة السليمة. خلال المرحلة الثالثة، يستمر تلف الرئة فى التزايد، مما قد يؤدى إلى فشل فى الجهاز التنفسى، حتى لو لم تحدث الوفاة، يعيش بعض المرضى مع تلف دائم فى الرئة، وطبقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن السارس يثقب الرئتين، مما يمنحهما «مظهراً يشبه قرص العسل»، وهذه الآفات موجودة فى المصابين بالفيروس التاجى الجديد. عندما يحدث ذلك، غالباً ما يتم وضع المرضى على أجهزة التنفس الصناعى للمساعدة فى تنفسهم، وفى الوقت نفسه، يجعل الالتهاب أيضاً الأغشية بين الأكياس الهوائية والأوعية الدموية أكثر نفاذية، مما يمكن أن يملأ الرئتين بالسوائل ويؤثر على قدرتهما على أكسدة الدم، وهكذا تحدث الوفاة.

ثانياً المعدة:

أثناء تفشى السارس أصيب ما يقرب من ربع المرضى بالإسهال، عندما يدخل أى فيروس جسمك، فإنه يبحث عن الخلايا البشرية مع مداخله المفضلة؛ البروتينات الموجودة خارج الخلايا والتى تسمى المستقبلات، إذا وجد الفيروس مستقبلاً متوافقاً على خلية، فيمكنه هنا أن يغزو، يمكن لفيروسات السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الوصول إلى الخلايا التى تبطن الأمعاء والقولون، ويبدو أن هذه الالتهابات تزدهر فى الأمعاء، مما قد يتسبب فى تلف أو تسرب السوائل التى تصبح إسهالاً، وقد كتبت أمس بالتفصيل عن علاقة الفيروس بالجهاز الهضمى.

ثالثاً الدم:

يمكن أن تتسبب الفيروسات التاجية أيضاً فى حدوث مشكلات فى أنظمة أخرى من الجسم، بسبب الاستجابة المناعية المفرطة التى تحدث. أظهرت دراسة أجريت عام 2014 أن 92 بالمائة من المرضى الذين يعانون من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية لديهم مظهر واحد على الأقل من الفيروسات التاجية خارج الرئتين. فى الواقع، شوهدت علامات مثل ارتفاع إنزيمات الكبد، وانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، وانخفاض ضغط الدم. فى حالات نادرة، عانى المرضى من إصابات الكلى الحادة والسكتة القلبية، ولكن هذه ليست بالضرورة علامة على أن الفيروس نفسه ينتشر فى جميع أنحاء الجسم، كما تقول أنجيلا راسموسن، عالمة الفيروسات والأبحاث المشاركة فى كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا. يعتمد البشر على أنظمتنا المناعية للحفاظ على تماسكها عند مواجهة التهديد، ولكن خلال الإصابة بالفيروس التاجى، عندما يفرغ الجهاز المناعى السيتوكينات (السيتوكينات هى بروتينات يستخدمها الجهاز المناعى كمنارات للإنذار، فهى تجند الخلايا المناعية فى مكان الإصابة، ثم تقتل الخلايا المناعية الأنسجة المصابة فى محاولة لإنقاذ بقية الجسم) فى الرئتين دون أى تنظيم، يصبح هذا الإعدام مجانياً للجميع، تقول راسموسن: «بدلاً من إطلاق النار على هدف بمسدس، فأنت تستخدم قاذفة صواريخ»، هنا تكمن المشكلة: جسمك لا يستهدف الخلايا المصابة فقط، إنه يهاجم الأنسجة السليمة أيضاً، من هنا تمتد الآثار خارج الرئتين، تخلق عواصف السيتوكين التهاباً يُضعف الأوعية الدموية فى الرئتين ويؤدى إلى تسرب السائل إلى الأكياس الهوائية، و تأخذ الأمور منعطفاً حاداً نحو الأسوأ، فى بعض الحالات الأكثر خطورة لـ«COVID-19» يمكن أن تؤدى استجابة السيتوكين -مقترنة بقدرة متضائلة لضخ الأكسجين إلى بقية الجسم- إلى فشل متعدد الأعضاء، وما زال العلماء لا يعرفون بالضبط سبب تعرُّض بعض المرضى لمضاعفات خارج الرئة، ولكن قد يكون ذلك مرتبطاً بالحالات الكامنة مثل أمراض القلب أو مرض السكرى.

رابعاً الكبد:

عندما ينتشر فيروس تاجى حيوانى حيوى من الجهاز التنفسى، غالباً ما يكون الكبد أحد الأعضاء التى تعانى، لقد لاحظ الأطباء مؤشرات على إصابة الكبد بالسارس، وفيروس كورونا، وCOVID-19، فى كثير من الأحيان تكون خفيفة، والحالات الأكثر شدة أدت إلى تلف الكبد الحاد وحتى فشل الكبد. الكبد وظيفته الرئيسية هى ببساطة معالجة الدم بعد الخروج من المعدة، وتصفية السموم وخلق المغذيات التى يمكن أن يستخدمها جسمك، كما أنه يجعل الصفراء تساعد الأمعاء الدقيقة على تحطيم الدهون، يحتوى الكبد أيضاً على إنزيمات تسرع التفاعلات الكيميائية فى الجسم. فى الجسم الطبيعى خلايا الكبد تموت باستمرار وتطلق إنزيمات فى مجرى الدم، ثم يقوم هذا العضو الحافل بتجديد الخلايا الجديدة بسرعة ويستمر فى عمله بكفاءة. بسبب عملية التجديد هذه، يمكن للكبد أن يتحمل الكثير من الإصابات، عندما يكون لديك مستويات عالية بشكل غير طبيعى من الإنزيمات فى الدم، على الرغم من ذلك - كما كانت سمة شائعة للمرضى الذين يعانون من السارس وMERS - فهى علامة تحذير، قد تكون إصابة خفيفة قد ينتعش منها الكبد سريعاً وقد يكون شيئاً أكثر حدة لدرجة فشل الكبد، العلماء ما زالوا لا يفهمون تماماً كيف تتصرف هذه الفيروسات التنفسية فى الكبد، قد يصيب الفيروس الكبد مباشرة ويتكاثر ويقتل الخلايا نفسها، أو قد تكون هذه الخلايا ضرراً جانبياً، حيث تؤدى استجابة الجسم المناعية للفيروس إلى تفاعل التهابى حاد فى الكبد، فى كلتا الحالتين، لاحظ العلماء أن فشل الكبد لم يكن السبب الوحيد للوفاة لمرضى السارس. تقول راسموسن: «فى الوقت الذى يفشل فيه الكبد، غالباً ما ستجد أن المريض لا يعانى من مشكلات فى الرئة والكبد فحسب، بل قد يعانى أيضاً من مشكلات فى الكلى، وبحلول ذلك الوقت تصبح عدوى شاملة».

خامساً الكلى:

ستة فى المائة من مرضى السارس، وربع كامل من مرضى MERS، يعانون من إصابة كلوية حادة. أظهرت الدراسات أن فيروس كورونا الجديد يمكن أن يفعل الشىء نفسه، قد تكون سمة غير شائعة نسبياً لهذا المرض، لكنها قاتلة، فقد توفى 91.7 فى المائة من مرضى السارس الذين يعانون من قصور كلوى حاد، وفقاً لدراسة أجريت عام 2005، الكلى مثل الكبد، تعمل كليتك كفلتر لدمك، تمتلئ كل كلية بحوالى 800000 وحدة تقطير مجهرية تسمى النيفرون، تحتوى هذه النيفرون على عنصرين رئيسيين: مرشح لتنظيف الدم وأنابيب صغيرة تعيد الأشياء الجيدة إلى جسمك وترسل النفايات إلى المثانة كبول، إنها أنابيب الكلى التى يبدو أنها الأكثر تأثراً بهذه الفيروسات التاجية الحيوانية المنشأ. بعد اندلاع السارس، أفادت منظمة الصحة العالمية أنه تم العثور على الفيروس فى أنابيب الكلية، والتى يمكن أن تصبح ملتهبة، يقول كار نينج لاى، الأستاذ الفخرى بجامعة هونج كونج واستشارى أمراض الكلى بمستشفى ومصحة هونغ كونغ، إنه ليس غريباً اكتشاف فيروس فى الأنابيب إذا كان فى مجرى الدم، بما أن الكليتين تقومان بترشيح الدم باستمرار، فى بعض الأحيان يمكن للخلايا الأنبوبية أن تحجز الفيروس وتتسبب فى إصابة عابرة أو أخف، يمكن أن تصبح هذه الإصابة مميتة إذا اخترق الفيروس الخلايا وبدأ فى التكاثر، لكن لاى (الذى كان أيضاً عضواً فى المجموعة الأولى من الباحثين الذين أبلغوا عن مرض السارس وساهم فى دراسة الكلى الدولية) يقول إنه لم يكن هناك أى دليل على أن فيروس السارس كان يتكاثر فى الكلية، ويضيف لاى أن هذا الاكتشاف يشير إلى أن إصابة الكلى الحادة فى مرضى السارس قد تكون ناجمة عن مجموعة متنوعة من الأسباب، بما فى ذلك انخفاض ضغط الدم، وتسمم الدم، والأدوية، أو اضطراب التمثيل الغذائى. يمكن أيضاً أن يحدث الفشل الكلوى الحاد فى بعض الأحيان بسبب المضادات الحيوية أو الفشل متعدد الأعضاء أو الاتصال بجهاز التنفس الصناعى لفترة طويلة جداً، فكل شىء متصل، فى النهاية ليس أمامنا إلا الإجراءات الوقائية التى لا بد من اتباعها وعدم الهزار أو التراخى فيها حتى يخرج اللقاح أو العلاج إلى النور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ينفذ فيروس الكورونا جريمته كيف ينفذ فيروس الكورونا جريمته



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج

GMT 03:07 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

أفكار بسيطة تساعدك على تصميم حمام رئيسي رائع

GMT 00:55 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

حكومة أم حلبة ملاكمة لبنانية؟
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya