سيرتان وقصتهما

سيرتان وقصتهما

المغرب اليوم -

سيرتان وقصتهما

بقلم : سمير عطاالله

في السبعينات كان صامويل بيكت أشهر كاتب آيرلندي على قيد الحياة. وكان يعيش في باريس. كما فعل معظم حياته، إلا عندما يصاب بالزكام في الشتاء، فيسعى إلى الدفء في طنجة، أو تونس. وكانت سيمون دو بوفوار، أشهر كاتبة فرنسية، على قيد الحياة. وكانت تعيش وحيدة في باريس، بعد غياب رفيق عمرها جان بول سارتر، إثر شيخوخة متعبة ومليئة بالأمراض.

وفي هذه الفترة كانت تعيش في مدينة بوسطن أستاذة جامعية عادية تدعى ديدري بير. متزوجة، ولها ولدان وتمضي حياتها بين المطبخ والتدريس وتصحيح مسابقات الطلاب. ذات يوم قرأت أن كاتبها المسرحي المفضل، صامويل بيكت، رفض طوال السنين السماح لأحد بأن يكتب سيرة حياته. سوف يذهب من هذه الدنيا وقد ترك خلفه صورته المطبوعة في العالم: رجل انطوائي بلا أصدقاء أو معارف أو حياة عامة.

مساء ذات يوم، فيما تُحضّر العشاء للعائلة، لمعت لها خاطرة مسلية: لماذا لا أقترح على بيكت، أن أكون أنا من يكتب سيرته. إن مثل هذا الاقتراح سوف يسلّيه ولو مؤقتاً، وسوف يخرجني من رتابة المطبخ وعشاء العائلة، مع العلم، أن زوجي (الذي نشأ في مزرعة) يساعدني في كل أعمال المنزل.

المفاجأة الكبرى: بيكت يكتب إلى الأستاذة بير، التي أصبحت في هذا الوقت محاضرة في جامعة بنسلفانيا، يبلغها موافقته ويطلب منها ملاقاته في باريس للبدء في المشروع. فرحة العمر. وشيء لا يصدق. بعد وصولها إلى باريس تدخل في متاهة دامت سبع سنين. الكاتب الكبير يعطي المواعيد ولا يحفظها. مرة يغيب في مرض، ومرة في إجازة طويلة. وتستمر هي في التنقل بين أميركا وباريس. وفي باريس تحاط بجو من المكر والحسد من أصدقاء بيكت. وتروّج الإشاعات في أوساط باريس الأدبية بأن السبب الذي جعل بيكت يسلم نفسه إلى كاتبة مغمورة، هو الخدمات غير الأدبية التي قدمتها المدرّسة الأميركية إلى العجوز الآيرلندي. لكنها استمرت في التنقل عبر المحيط. وتذكرت ذات يوم أنها لم توقع عقداً مع بيكت، فماذا لو قرَّر، بعد كل هذا العذاب، إلغاء الاتفاق؟ فليكن. وسوف يكون حظها من الحياة ومن حلمها بأن تصبح كاتبة سيرة. لكن الآيرلندي الشهير احترم كلمته.

أطلقت سيرة بيكت شهرة بير حول العالم. وصار في إمكانها أن تلغي ساعة غسيل الصحون في المطبخ. وأخذت تفكر باسم شهي آخر. هل يعقل أن تقبل سيمون دو بوفوار بمثل هذا الاقتراح؟ لماذا لا. إنها الآن كاتبة بيكت. أعطتها دو بوفوار الموعد الأول في باريس، لتكتشف أنها تقطن في الشارع نفسه الذي يسكن فيه بيكت. وبعد ست سنوات من السفر واللقاءات ومقابلة أصدقاء دو بوفوار وعائلتها، صدرت سيرة الكاتبة الفرنسية وكسرت المبيعات. أما الكتاب الثالث والأكثر متعة فقد وضعته السيدة بير عن حكاية 11 عاماً عن مطاردة شخصيتين كبيرتين وطباع صغيرة ومزاجين غريبين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرتان وقصتهما سيرتان وقصتهما



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya