الشرطي الشاعر

الشرطي الشاعر

المغرب اليوم -

الشرطي الشاعر

سمير عطاالله
بقلم :سمير عطاالله

ذهبتُ إلى فرع المصرف الذي نتعامل معه منذ ثلاثين عاماً، فوجدت للمرة الأولى شرطياً يجلس على كرسي أمام المدخل. ووقف مرحباً قبل أن أقول له ممازحاً: أين هو مكان الاعتصام عندكم؟ فأجاب، ضاحكاً أيضاً: عندنا ليس مسموحاً للكتّاب بالاعتصام. اعتقدت أنه يعرفني من قراءة المقال الأسبوعي في «النهار». لكنه سارع إلى القول إنه يقرأ «الشرق الأوسط» كل يوم.
دخلت المصرف، ثم خرجت، لكي أحيي الشرطي القارئ. لكنه أضاف بدماثة مفاجأة مفرحة أخرى. أنه ليس قارئاً فحسب، بل يكتب الشعر أيضاً، وله ديوان وله مطالعات نقدية. واتفقت مع الشاعر الشرطي أن يرسل إليّ نسخة من ديوانه، فقال بأدب: «يشرّفني أن يقرأني رجل مثلك»، قلت له «يسعدني أن يقرأني رجل مثلك». وشرحت لمحمود أن انصراف إنسان في ظروفه إلى الكتابة، وهو بالبزة العسكرية، تكريم للشعر. فقد لا يصبح ضابطاً كبيراً ذات يوم لكنّه قد يصبح كاتباً معتبراً. وإذا استمرّ في تقدير موهبته وشغفه، ساعياً في صقل الأولى وإشباع الثانية، فمن يدري إلى أين تقود الدروب. الموهبة مسؤولية كبرى، لم تعط لك إلا من أجل أن تتميز عن الرمل السائد، كما كان يقول محمود درويش. اسقها كل يوم. وماء الكتابة هو القراءة.
يكتب الزميل عيسى غريب مقالاً افتتاحياً عالياً في صحيفة «الأوريان لوجور» الفرنسية. وقد أرسلت إليه خريجاً من أقربائي للتدرب على يديه. وعندما اطلع على شهادات القريب الشاب قال له، لم يبق لي سوى درس واحد أنصحك به: كلّما كتبت شيئاً أعد قراءته واحذف منه. ثم احذف... ثم عندما تجد أنه لم يعد هناك ما يمكن أن تحذفه، أرسل المقال إلى النشر.
أنا نادم على النشر مبكراً. أغواني ذلك بأن الكتابة عمل سهل. ومع الأيام اكتشفت أن كل يوم جديد هو تصحيح أفضل. وأن كل كتاب أقرأه، أستاذ أصغي إليه. وكنت أهمل المحاضرات على أساس أنني سأقرأها في أي حال. ثم تبيّن لي أن هذا تبسيط وجهلٌ. فالمُحاضر الجيّد نقاّش في الذاكرة. وما يدور من نقاش مع المحاور، درس لا ينسى.
يا محمود وهبه، أتمنى أن أذهب إلى نادي الأدباء ذات يوم لحضور حفل توقيع لك. ولكن من الآن إلى حينها، لا تستخف بالثياب العسكرية. اجعلها تجربة من تجارب حصادك الأدبي، وأنا أعرف أنك تقرأ هذه الكلمات الآن. لكن انصرف إلى الكتب. الصحف تملأ يومك. الكتب تملأ الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرطي الشاعر الشرطي الشاعر



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 07:02 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

توتنهام "يغازل" بيل للمرة الثانية في أقل من أسبوع

GMT 07:03 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أمن بني ملال يوقف شخص بتهمة السرقة بالإكراه

GMT 11:29 2020 الأحد ,19 إبريل / نيسان

لبنان ... العائد إلى واقع ما قبل 2005

GMT 16:18 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

سعيد عبد الغني

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تمتعي بمغامرة لا تُنسى بين معالم جزيرة سريلانكا

GMT 04:59 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

نشوب احتجاجات عدة في إيران عقب مقتل 12 شخصًا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رويدا عطية تعتبر ظهورها على شاشة التلفزيون خطوة جريئة

GMT 03:59 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حكومة تريزا ماي في مأزق جديد بسبب "البريكست"

GMT 10:15 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد قتلى تفجير معسكر زليتن إلى 67 شخصًا

GMT 06:07 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في انزكان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya