المغرب وتحديات 2020

المغرب وتحديات 2020

المغرب اليوم -

المغرب وتحديات 2020

عبد الحق بلشكر
بقلم: عبد الحق بلشكر

مع مغيب شمس آخر يوم في 2019، تكون سنة أخرى قد انقضت من أعمارنا. نتطلع إلى الأفضل في 2020، لكن الواقع لا يرتفع، بحمولته الثقيلة على واقعنا. عشنا، نحن الصحافيون، في السنة التي نودعها أحداثا ووقائع صعبة. الحكم على بوعشرين بـ15 سنة سجنا في أكتوبر، واعتقال هاجر الريسوني في نهاية غشت، والحكم عليها بسنة حبسا نافذا، قبل العفو الملكي عنها، وإدانة أربعة صحافيين استئنافيا في دجنبر بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ بتهمة نشر خبر صحيح، وقبل ذلك إدانة الصحافي حميد المهداوي استئنافيا بثلاث سنوات في أبريل، وأخيرا اعتقال الصحافي عمر الراضي في نهاية دجنبر، وإحالته على المحاكمة. جميع هؤلاء الصحافيين لم يتابعوا بقانون الصحافة والنشر «الخالي من العقوبات السالبة للحرية»، لكنهم توبعوا بالقانون الجنائي. سيكون قدرنا أن نتابع محاكمة الزميل الراضي في 2020، لكننا سنجر معنا آمالا مشروعة بأن تكون هذه آخر محاكمة لصحافي في قضايا النشر بالقانون الجنائي، وأن يتحقق انفراج وطي صفحة هذه المحاكمات التي لا تزيد سوى من درجة القلق والخوف واليأس في مختلف أوساط المجتمع.

أما في ما يخص الوضع العام في المغرب، فإن أهم تحدٍّ هو انتظار ما ستخرج به اللجنة الملكية المكلفة بإعداد النموذج التنموي، التي وعد رئيسها، شكيب بنموسى، بتقديم وثيقتها إلى الديوان الملكي في يونيو 2020. الكل يترقب مخرجات عمل هذه اللجنة، والإجابة عن تساؤلات كثيرة من قبيل: كيف نرفع من مستوى خلق الثروة؟ وكيف نوزعها بشكل عادل؟ كيف نحل مشكلة الريع؟ كيف نضمن فرص تشغيل الشباب العاطل؟ كيف نقلص الفوارق داخل المجتمع وبين مختلف الجهات؟ كيف يمكن أن نطلق نفسا ديمقراطيا جديدا، ونخلق تعبئة حول نموذج سياسي واقتصادي واجتماعي منفتح لمواجهة التحديات العالمية؟

وهناك سؤال آخر مطروح، هو: هل ستكون لعمل هذه اللجنة الاستشارية مخرجات سياسية؟ هل يمكن أن تقترح تعديل الدستور؟ وهل ستمهد لتوجهات في أفق الانتخابات المقبلة؟

أيضا، ستكون سنة 2020 آخر سنة قبل انتخابات 2021، وفيها ينتظر أن يحتدم النقاش والجدل حول مراجعة القوانين الانتخابية، وسيرتفع فيها منسوب الاستقطاب السياسي، والحملات السابقة لأوانها التي انطلقت مبكرا. في الشأن الحزبي، سنشهد مآلات حزب الأصالة والمعاصرة الذي يعاني أعطابا مزمنة تعمقت منذ استقالة إلياس العمري.

أما على الصعيد الإقليمي، فقد عاشت المنطقة المحيطة بالمغرب تحولات كبيرة في 2019، بانتخاب ثلاثة رؤساء جدد في الجزائر وتونس وموريتانيا، واستمرار الحرب في ليبيا. في الجزائر، وصل عبد المجيد تبون إلى الحكم مدعوما بالجيش الراغب في الحفاظ على الوضع القائم، لكن المظاهرات القوية الرافضة إياه ستشكل تحديا له في 2020. الجزائر تعيش تحولات كبيرة، لا يمكن التكهن بمآلاتها، فالصراع داخل المؤسسة العسكرية مستمر، وأدى إلى اعتقال سياسيين وجنرالات أقوياء، ورحيل الجنرال قايد صالح، ومحاكمة وزراء سابقين، ما يعني أن هناك صراعا حادا داخل منظومة الحكم في الجزائر، من شأنها أن تفتح الباب لمزيد من تصفية الحسابات، كما أن البلاد مقبلة على اختبار تعديل دستوري وعد به الرئيس الجديد، وصوت الأجيال الجديدة المطالبة بالانفتاح لا بد أن يكون له أثر، فإما أن تنتقل البلاد إلى ديمقراطية حقيقية، وإما أن تدخل في حالة فوضى، وكلا الخيارين يشكلان تحديا للمغرب. أما ليبيا، التي سعى المغرب إلى دعم استقرارها باحتضان حوار المصالحة في الصخيرات، فقد تحولت إلى ساحة صراع دولي، فالروس ودول غربية ومصر والإمارات يدعمون الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في حملته العسكرية لإسقاط الحكومة في طرابلس، في حين لجأت حكومة الوفاق إلى طلب دعم تركيا وقطر، ويستعد البرلمان التركي لمنح تفويض للجيش التركي لنقل قوات إلى ليبيا، ما يعني أن الآتي أسوأ، وأن هذه البلاد الشاسعة والغنية مهددة أكثر بفقدان الاستقرار وبانتشار الجماعات المسلحة، بل بالتقسيم، وهو أمر مقلق للمغرب الذي أصبح على خلاف مع عدد من حلفائه بشأن الوضع الليبي. أما في تونس، فإن الرئيس الجديد، قيس سعيد، المنتخب ديمقراطيا، يواجه تحديات كبيرة، أولها تحدي الاستقرار السياسي بتشكيل حكومة منسجمة، وثانيا، مواجهة تحدي الوضع الأمني الداخلي وعلى الحدود مع ليبيا، وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي. وسيبقى استقرار تونس رهينا بالتحولات في الجزائر وليبيا.

وعلى الصعيد العالمي، ستكون 2020 سنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فالدول تترقب كيف ستكون السياسة الأمريكية بعد هذا الاستحقاق خلال السنوات المقبلة. فإذا فاز ترامب، فإنه سيحصل على تفويض جديد لمواصلة تنفيذ أجندته المثيرة للجدل؛ حقوق الإنسان والنزاعات الإقليمية ليست أولوية بالنسبة إليه، بل ما يهمه هو تقوية الاقتصاد الأمريكي وجلب التمويلات والصفقات، ومواجهة الصين المنافسة التجارية القوية، والتصدي لإيران، والحرب على الإرهاب… لكن، إذا فاز مرشح الحزب الديمقراطي، فإن تغييرا أكيدا سيحصل في السياسة الأمريكية.

هذه فقط بعض التحديات المرتقبة في 2020، وكل عام وأنتم بخير.

 

قد يهمك ايضا
المؤامرة وبنبركة وأوفقير
تحديات التنمية البشرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب وتحديات 2020 المغرب وتحديات 2020



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 03:25 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بدران يؤكّد أن "الكاكا" تخفض مستوى الدهون في الدم

GMT 09:31 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

استراتيجيات تخفيف الفساد

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 00:11 2018 الأحد ,15 إبريل / نيسان

اغتصاب فتاة "صماء" وحملها في الدار البيضاء

GMT 05:48 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتثبيت مساحيق التجميل على البشرة

GMT 18:30 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

جمهور الكوكب المراكشي يطالب بإبعاد عاطيفي

GMT 10:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

رحمة حسن في إطلالة طبيعية تنال إعجاب جمهورها

GMT 06:04 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

فندق "Desa Atas" من الأماكن الساحرة في جزيرة بالي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya