هل يسمع قادة الأحزاب في بغداد النصيحة

هل يسمع قادة الأحزاب في بغداد النصيحة

المغرب اليوم -

هل يسمع قادة الأحزاب في بغداد النصيحة

د.ماجد السامرائي
بقلم: د.ماجد السامرائي

تستمر المناورات وتحدي الشعب في ملف ترشيح رئيس وزراء جديد من قبل الموالين لإيران.

كشفت وقائع الأسبوعين الأخيرين هشاشة الطبقة السياسية وتفككها وارتباكها وعدم صمودها أمام مطالب الانتفاضة رغم تمترسها خلف أعتى أدوات القمع والبطش التي تنفذها الميليشيات المسلحة بحقد دفين من خارج الحدود على هذا الشعب العظيم.

أزاح الضغط الشعبي كل الأقنعة السياسية للأحزاب ومن أهمها احتماؤها خلف الدستور الذي فُصّل عام 2005 على مقاسات التحالف الشيعي الكردي، وظل طوال 16 عاما حاميا للمصالح وكان دائما ما يتعرض للاختراق والتحوير عبر مؤسسات التفسير القانوني وعلى رأسها المحكمة الاتحادية التي ظلت المنصة الواقية للمصالح الحزبية.

هناك أمثلة عدة لتلك الاختراقات ومن بينها ملف الكتلة الأكبر التي انفضحت كذبتها وانتهت عام 2018 بتكليف عادل عبدالمهدي برئاسة الوزارة عبر توافق كتلتي سائرون والفتح في تجاوز فاضح للدستور، أغمضت المحكمة الاتحادية عينها عنه في تخلّ عن مسؤولياتها أمام الشعب رغم أن رئيسها وطاقمها لا علاقة للشعب في اختيارهم.

ويأتي الانتهاك الفاضح الأخير الذي أحرج فيه الرئيس العراقي برهم صالح الطبقة السياسية بطلبه تسمية الكتلة الأكبر عبر لعبة الرسائل المتبادلة بينه وبين البرلمان وبين المحكمة الاتحادية، ويبدو أنه الآن ما زال متمسكاً بعدم التخلي عن مطالب الجمهور المنتفض، ويتمنى العراقيون أن يظل على مواقفه الرافضة لضغوطات الأحزاب الموالية لإيران، وإذا ما انهار أمامها وقبل بما تمليه فسيكون للمنتفضين الذين قدموا أكثر من 500 شهيد وأكثر من 22 ألف جريح موقفاً جديداً قد يضعه ويضع البرلمان أمام مصير لا يحسدون عليه كالمطالبة باستقالته البرلمان وحلّه.

الملف الثاني من فضائح الارتباك للأحزاب هو التوقيتات الدستورية بانتهاء مهام رئيس الوزراء المستقيل بعد أسبوعين من مدة مهمة حكومة تصريف الأعمال بتاريخ 19 ديسمبر، الخميس وليس الثلاثاء، بعد لعبة كسب الوقت من قبل رئيس الجمهورية ولكن عبدالمهدي تراجع عن تعهده بتسليم مقاليد الحكومة لرئيس الجمهورية يوم انتهاء مهلة الحكومة المؤقتة، فأعلن بقاءه في السلطة لحين قيام حكومة منتخبة جديدة في موقف بعيد عن أخلاقيات العمل السياسي لكي ينضم في خطوته المهينة إلى المخطط الإيراني في اللعب بالوقت ضد المنتفضين. تعزز هذا الإعلان بتفسيرات قانونية ساذجة أطلقها خبراء قانونيون متوسّطو الكفاءة.

تستمر المناورات وتحدي الشعب في ملف ترشيح رئيس وزراء جديد من قبل الموالين لإيران متمثلة في كتلة البناء المدعية أنها الكتلة الأكبر رغم انتهائها منذ عام 2018، وكأنها ما زالت متمتعة بزهوّ عهدها فتقدم الاسم تلو الآخر، ويوم الأربعاء طرحت ثالث الأسماء والذي سيكون مصيره كقبله بالرفض الجماهيري من ثوار ساحات الاعتصام، وسط أهازيج الجنوب العراقي بالغة التأثير العاطفي الجمعي، حيث تؤكد هذه القوة الجديدة أنها الكتلة الحقيقية الأكبر، وليست تلك القوى التي أصبحت جزءاً من عهد انتهى فعلياً بعد الأول من أكتوبر الماضي.

الإرباك الآخر للأحزاب وقع داخل البرلمان المنفذ لإرادتها عبر المناورات خلال الأسبوعين الماضيين، إلا أن الأحزاب الكبيرة لم تتمكن من التوافق بينها في هذا الظرف الذي يحاول فيه كل حزب الدفاع عن مصالحه الخاصة، دون وضع اعتبار لزمن التحالفات السابقة خصوصاً أن التفكك والانهيار حصلا في جسم التحالف الشيعي ذاته بما يشير إلى آخر محاولات التشبث بالحياة. كانت مناقشة قانون الانتخابات فرصة لكشف المصالح والأهداف أمام الضغط الشعبي العالي وبمساندة المرجعية الدينية الذي أوجع الرؤوس، ثم استسلمت أخيراً لما يمكن اعتباره فتح ثغرة في جدار هيمنتها على العملية السياسية لإعطاء فرصة للعراقيين المستقلين لممارسة حقهم الوطني الانتخابي رغم عدم تلبيته لرغبات المنتفضين.

هذه أمثلة لوقائع تكشف ما حققته الانتفاضة من إرتباك للأحزاب المتسلطة بقوة السلاح بعد انتصارها بإزاحة حكومة عبدالمهدي رغم المحاولات اليائسة لأدوات إيران تشويه سمعة أبطالها وتصويرهم بالعملاء المنفذين لأجندات أميركية وإسرائيلية وسعودية حسب ما صرح بذلك زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق المعاقب من وزارة الخزانة الأميركية قيس الخزعلي. وآخرون كانوا في الأيام الأولى من المدافعين عن انتفاضة أكتوبر أخذوا الآن ولأسباب مجهولة تتعلق بأجنداتهم السياسية يلومون الناشطين بادّعاء عدم وضوح مطالبهم ما سيضعهم حسب وصف هؤلاء في دائرة علامات الاستفهام.

في الوقت ذاته تتواصل البيانات من ساحات الاعتصام وآخرها البيان السياسي واضح المعالم والأهداف، والذي طلب من رئيس الجمهورية تحمّل مسؤولياته التاريخية في اختيار رئيس وزراء جديد مستقل لا علاقة له بالأحزاب والحكومات متمتعا بالنزاهة يؤدي مسؤولياته المؤقتة لفترة لا تتجاوز الستة أشهر ينجز خلالها إصدار قانون انتخابي ومفوضية مستقلة جديدين ويدعو إلى انتخابات مبكرة بإشراف أممي بعد حل البرلمان الحالي. وهدد المنتفضون بخيارات تصعيدية إن لم تتحقق هذه الخطوة.

ما زالت الأحزاب تواصل فصول مغامرتها بالتشبث بأغصان السلطة التي كسرت هياكلها وقوتها الخادعة عاصفة التغيير الشعبي، ولا تريد الاعتراف بهزيمتها أمام الشعب لتكشف عن مستوى التردّي السياسي الذي وصلت إليه، في تجاهل خطير لاستحقاقات دماء الثوار الشباب لكنهم واقعون في مأزق ويحاصرهم الوقت ويبدو أن نظام طهران محاصر هو الآخر بعدم قدرته على تقديم خيارات الحفاظ على قاطرة الحكم في العراق التي انفلتت عن السكة وفي طريقها إلى الهاوية.

الغباء وتخمة الفساد والنهب لدى بعضهم وعقلية المافيات التي لا تعرف سوى طريق القتل والخطف عند البعض الآخر، هي كلها عوائق أمام إيجاد مخارج تحافظ على الحد الأدنى مما تبقى لديهم عن طريق الإعلان عن الاعتذار للشعب ليس فقط عن دماء الشهرين الماضيين وإنما عن دماء السنوات الست عشرة الماضية من العراقيين الأبرياء المغدورين بالقتل أو الاختطاف، وقد يكتفي هذا الشعب برحيلهم مع ما نهبوه في مقايضة تاريخية عادلة، تطوي الصفحات المظلمة والدموية من حياة العراقيين ليلتفتوا إلى بناء جيلهم الجديد ويعيشون بأمان حالهم حال الشعوب الأخرى. هل يسمع الغارقون في سلطة الكذب والسرقة والدجل صوت الشعب؟ الجواب لديهم.

 

قد يهمك ايضا
انتفاضة أكتوبر وسلاح الحرب النفسية
هل تلبي مواصفات الحكومة المرتقبة مطالب المحتجين العراقيين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يسمع قادة الأحزاب في بغداد النصيحة هل يسمع قادة الأحزاب في بغداد النصيحة



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya