الاستقطاب الطائفيّ ينقضّ على اللبنانيّين وثورتهم

الاستقطاب الطائفيّ ينقضّ على اللبنانيّين وثورتهم

المغرب اليوم -

الاستقطاب الطائفيّ ينقضّ على اللبنانيّين وثورتهم

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

تبدو الطوائف اللبنانيّة اليوم مستَنفرَة ومُستَقطَبة بين جناحين، واحد يُرمز إليه بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، والآخر يجد رمزه في رئيس الحكومة حسّان دياب.
الجناح الأوّل أكثر انشداداً إلى لبنان القديم. إلى الخدمات والمصارف. إلى «النواة» ممثّلة ببيروت ومتصرّفيّة جبل لبنان. إلى حسن العلاقة بـ«العرب والغرب» مما يشرط دور لبنان الوسيط.
هكذا رأينا مراجع طائفتي ميثاق 43. أي الموارنة والسنة، يدافعون عن سلامة. البطريرك بشارة الراعي، رفض ما اعتبره «حكماً مبرماً» بحقّه، مشيراً إلى أنّ «الطعن بكرامة سلامة والمصرف المركزي غير مقبول»، ومحذّراً من «المضي في النهج غير المألوف في أدبيّاتنا السياسيّة».
من دار الفتوى أيضاً انطلق هجوم آخر على دياب فُسّر تضامناً مع سلامة ومع السياسات الماليّة والاقتصاديّة المعمول بها في السنوات الماضية. الهجوم الذي شارك فيه رئيسا حكومة سابقان هما فؤاد السنيورة وتمّام سلام، ووزير سابق هو نهاد المشنوق، جاء بعد كلام حادّ أطلقه رئيس حكومة سابق هو الآخر، سعد الحريري. الأخير تحدّث عن «الانتقام من مرحلة كاملة يفتحونها على مصراعيها»، وأنّ دياب قد كُلّف بها ليحقّق «أحلامهم في تصفية النظام الاقتصادي الحرّ». جريدة «النهار» توقّعت أن تعقب هذا الكلامَ العنيف «بيانات وخطوات إعلاميّة كثيفة» في الوجهة نفسها.
وليد جنبلاط ضمّ أيضاً صوته النقدي المرتفع.
الجناح الثاني أكثر انشداداً إلى ما بعد انهيار لبنان القديم. إلى مناطق الأطراف وإلى القوى التي نشأت إثر اتفاق الطائف. وهو قليل الاهتمام بالعلاقة بـ«العرب والغرب»، إمّا يأساً (التيّار الوطني الحرّ) أو عداءً (حزب الله). هذا الخطّ اخترع لنفسه رقماً من صفر: إنّه دياب الذي لا يستند إلى طائفة أو منطقة. إنّه إميل لحّود السنّي المطلوب دائماً. صحيفة «الأخبار» تحدّثت عن «نهج يكرّسه حسّان دياب، المصرّ على ترك بصمته، كأوّل رئيس حكومة يتجرّأ على محاولة نبش معاقل النظام الفاسد». جاء هذا الكلام بعد هجوم دياب المفاجئ والحادّ على حاكم المصرف المركزيّ، حيث وصف أداءه بـ«المريب»، فيما تحدّث الحريري عن استخدامه «لغة عسكريّة كأنّه جنرال يتقمّص دور رئيس حكومة».
وإذ رجّحت مصادر صحافيّة «خروج سلامة عن صمته»، وتسلّلت إلى الإعلام كميّة معتبرة من «مخاوف» الطوائف حيال «مؤامرات» قد تنفّذها طوائف أخرى، تحدّثت مصادر أخرى عن أنّ السفيرة الأميركيّة في بيروت أطلعت النائب جبران باسيل، رجل العهد القويّ، «أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خطّ أحمر»، يقابل «الخطّ الأحمر» الآخر الذي ترفعه إيران، وهو سلاح حزب الله.
إذاً يمضي التكتّلان الطائفيّان في تبلورهما من تحشيد المراجع إلى توطيد «السياسات الخارجيّة». ومتى تذكّرنا العلاقات الأهليّة الحرجة، لا سيّما في الجبل، بات احتمال التردّي الأمني لا يقبل الاستبعاد.
ما من شكّ أنّ هذا التبلور لم يكتمل بعد، وما زالت تحيط باكتماله أسئلة وجيهة:
- هل يستطيع العونيّون أن يمضوا إلى النهاية في تموضعهم الجديد الذي يصادم الحساسيّة المسيحيّة الجبليّة الغالبة؟
- هل يستطيع نبيه برّي أن يبقى الحارس المتعالي لمصالح النظام الإجماليّة التي لا تراعيها جلافة «عائلة النظام» الأولى (وزير برّي غازي وزني عارض إقالة سلامة، ونائبه أنور الخليل وصف مواقف دياب بـ«قنبلة دخانيّة»).
- هل يبقى سمير جعجع على طرحه المتوازن من أنّ «التدقيق المالي ضروري جدّاً في مصرف لبنان، لكنْ أيضاً ضروري جدّاً في قطاعات الكهرباء والاتّصالات والجمارك والمرفأ».
في هذه الغضون، يتبدّى أنّ اللبنانيين أمام تحالفين، واحد يدافع عن سياسة ما عادت تملك من المقوّمات القديمة شيئاً. الإفلاس والاستدانة والعدوان على مدّخرات المودعين هو ما تملكه. وآخر، لا يدافع عن شيء في واقع الأمر باستثناء شروط إقليميّة (سورية – إيرانيّة) ملائمة. وهو ما يجعل قضيّته مجرّد إحلال لأشخاص مطواعين ذوي لون حزبي ما محلّ أشخاص آخرين، مع التمسّك بزعم العلاج التكنوقراطي - الذي لا يعالج شيئاً – للمشكلة الاقتصاديّة – السياسيّة المُلحّة.
قد يكون تكليف شركات التدقيق المحاسبي تعبيراً عن توازن القوى الراهن وعن استحالة الحسم فيه. لكنّ المؤكّد أنّ ساسة الطوائف يتّجهون إلى إعادة بناء الاستقطاب الطائفي (8 و14 آذار، أو أي صيغة أخرى) على حساب الاستقطاب الذي أسفرت عنه ثورة 17 تشرين. هذا فيما الجوع يطحن اللبنانيين والدولار يقفز عتبة الأربعة آلاف ليرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستقطاب الطائفيّ ينقضّ على اللبنانيّين وثورتهم الاستقطاب الطائفيّ ينقضّ على اللبنانيّين وثورتهم



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya