التصنيفات الدولية صفقــات سياسية أم ماذا

التصنيفات الدولية: صفقــات سياسية أم ماذا؟!

المغرب اليوم -

التصنيفات الدولية صفقــات سياسية أم ماذا

بقلم : جورج شاهين

 لم يسبق ان عبّر اللبنانيون عن اهتمامهم بالتقارير التي تُصدرها المؤسسات المتخصّصة في تصنيف الدول والمؤسسات الكبرى، وهو ما قرأه بعض الخبراء على انه نوع من الـ «فوبيا الشعبية» التي لا يعرفها سوى اللبنانيين، بعدما ارتفع عدد الخبراء الى الدرجة القصوى. وعليه طُرح السؤال: هل يمكن استثمار هذه التقارير في السياسة وعقد الصفقات؟ ام انّها مجرد استشارة دولية لا بدّ منها؟

ليست المرة الأولى التي تصدر فيها وكالات التصنيف الدولية تقاريرها في شأن الوضع في لبنان، ونادراً ما كانت حتى وسائل الإعلام اللبنانية - ما خلا المتخصّصة منها بالتطورات الإقتصادية والمالية والنقدية - تنشرها أو تقرأ ما بين سطورها للإشارة الى معانيها ومراميها وما تعنيه عند إجراء التصنيف الإيجابي ام السلبي للأداء الرسمي على كل المستويات المصرفية والمالية والنقدية.

ففي كل الحالات، لم يكن السياسيون اللبنانيون يتابعون اياً من هذه التفاصيل التي كانت متروكة للخبراء والمصرفيين، قبل ان يتحولوا منذ مدة الى خبراء ماليين ومصرفيين، ينتظرون مضمون التقارير التي تتناول الوضع في لبنان الى درجة بات مضمونها يتحكّم بأداء بعضهم يبنون عليها مواقفهم وتصرفاتهم سواء كانوا من الموالين ام المعارضين.

وعليه، توقف المراقبون امام نوع من «الفوبيا» السياسية والشعبية التي انتشرت بين المواطنين في متابعة تقارير مؤسستي «فيتش» و»ستاندرد آند بورز» قبل ان تعلنا تقدير الأداء السلبي للإقتصاد في لبنان، وراح المواطنون يتوسعون في تفسير ما ستكون عليه سواء أبقت التصنيف عند مستوى (B-) او المستوى المتوقع اكثر سلبية، إذا ما صنّف بمستوى (CCC-) وهو ما يعني الكثير في ظل الظروف المالية والنقدية التي يمرّ بها لبنان كترجمة للأداء السياسي السلبي الذي تدرّج منذ ان شُلّ العمل الحكومي على مدى 40 يوماً بعد «الأحد الدامي» في قبرشمون في 30 حزيران الماضي، وما قبله، عندما تأخّرت الحكومة ومجلس النواب في إقرار الموازنة العامة، عدا عن الحذر في مقاربة الملفات الخلافية بين اللبنانيين قبل التفاهم عليها في الكواليس الرئاسية والسياسية التي يتحكّم بها أطراف التسوية السياسية بعيداً من الأصول الدستورية، وتجاوز ما يُسمّى آلية العمل والعلاقات الواجب قيامها بين المؤسسات الدستورية المبنية على قاعدة الفصل بين السلطات.

وعليه، تبدو المقاربة المالية والنقدية لهذه التقارير معدومة سياسياً في لبنان في ظل محاولات استغلال مضمونها السلبي، الذي اشارت اليه بعض هذه المؤسسات سعياً الى استثمارها في مجالات سياسية وإدارية أخرى بعيداً من المعالجات الإقتصادية والمالية الواجب اعتمادها لتلبية مطالب وتوصيات هذه المؤسسات، بالإضافة الى الأخذ بعين الاعتبار ما يناسب الوضع في لبنان من نصائح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات والدول المانحة، خصوصاً تلك التي قالت كلمتها في مؤتمر «سيدر»، عند بُتّ حجم القروض التي يمكن تقديمها للبنان معطوفة على مجموعة من المساعدات المالية التي لم تتجاوز حوالى 8 % من نسبة ما أُقرّ للبنان في مؤتمر «سيدر» والتي ناهزت 12 مليار دولار اميركي.

عند هذه الملاحظات سخرت مراجع اقتصادية ومالية من بعض المواقف التي شكّلت استغلالاً لمضمون هذه التقارير عند تضخيم النتائج التي يمكن ان تؤدي اليها، خصوصاً إذا أُخذ بعين الإعتبار التوصيف السلبي لها، كما بالنسبة الى تسخيفها وجعلها دون قيمة، كما عبّر عن ذلك بعض السياسيين الذين تحوّلوا بين ليلة وضحاها خبراء ماليين يستخفون بالنتائج التي يمكن ان يؤدي اليها تصنيف لبنان قياساً الى حجم الدرجات السلبية المعتمدة فيها.

وامام حالتي التجاهل او الإستخفاف، قالت مصادر قانونية - مالية تتابع تقارير مؤسسات التصنيف، انّه لن تكون نتائجها مباشرة وآنية على الوضع في لبنان، ولكن في حال امتد التصنيف سلباً ولفترة طويلة، ستكون انعكاساته سلبية تتجاوز بعض الأزمات المتنقلة التي يعيشها اللبنانيون، بين وقت وآخر، وتحديداً في الأيام القليلة الماضية. فالحديث المتنامي عن فروقات في اسعار الدولار ما بين الصيارفة والمصارف لا يمكن الإعتداد بها. فنظامنا المصرفي والمالي حرّ، وهناك هامش تحدّده حركة السوق المالية وحاجة اللبنانيين الى الأوراق النقدية «كاش» ان لم يكن متوافراً لدى الطرفين المصارف والصيارفة في مرحلة من المراحل او عند استبدال العملات الأجنبية بالليرة اللبنانية في مؤسسات نقل الأموال السريعة.

وتضيف هذه المصادر: «انّ ما جرى حتى اليوم يمكن اعتباره طبيعياً، فهو امر عابر ولا يدعو الى القلق. فالسياسات التي رسمها مصرف لبنان ومسلسل الإجراءات التي اتخذها لتعزيز مؤونته من الدولار الأميركي ليست الأولى من نوعها. فهو لجأ الى العديد من الوسائل قبل عمليات «الهندسة المالية» التي اجراها قبل فترة، وتلك التي أقدمت عليها وزارة المالية، مضافة الى عمليات « السواب» التي جرت لإستبدال دين بدين آخر، وكلها عمليات مشروعة لم تجر في الخفاء، ولكنها بمجملها لا توحي بعد انّ الدولة يمكن ان تصل الى مرحلة الإفلاس او اعتبارها من بين الدول «المارقة» التي لا تفي بالتزاماتها.

فالدولة اللبنانية لم تظهر يوماً، رغم كل السيناريوهات التي جرى الحديث عنها، انّها غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين الخارجيين او المحليين. ولم تسجّل على نفسها يوماً انّها لم تسدّد ديناً في أوانه، اياً يكن مصدره او جهته. وهذه من النقاط الإيجابية التي لا يمكن لأي مؤسسة تصنيف دولية ان تقلّل من اهميتها. فلا يغيب عن بالهم جميعاً انّ نسبة تزيد على 84 % من الدين العام هو دين داخلي مصدره المصارف والجيوب المالية اللبنانية الداخلية، وهو ما لم تعشه اي دولة عاشت ازمات مالية مماثلة كاليونان او الأرجنتين او قبرص او غيرها من النماذج التي يستحضرها اللبنانيون بين وقت وآخر».

وتتابع المصادر، انّه «من المهم جداً ان يتوقف القادة اللبنانيون قبل المواطنين عن الإدّعاء بفهم أهمية او تجاهل ما تقول به مؤسسات التصنيف الدولية، فهي تعمل عملها. وانّ على المسؤولين المولجين بالتعامل معها ان يقوموا بواجبهم. فلا يصدقن احدٌ انّ في لبنان من يغيّر رأي هذه المؤسسة او تلك أو يدعوها الى صفقة سياسية، وما على المعنيين سوى القيام بما يجب قبل فوات الأوان». 

وتختم: »كل واحد يعمل شغلو ونقطة عالسطر».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصنيفات الدولية صفقــات سياسية أم ماذا التصنيفات الدولية صفقــات سياسية أم ماذا



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 17:52 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جلاب جامون

GMT 13:08 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

عالجي التواء كاحلك بالكركم

GMT 02:12 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تناول عصير الكرز يوميًا يساعد على النوم بشكل أفضل

GMT 01:50 2017 الخميس ,06 إبريل / نيسان

ماري لوي تكشف كيفية الارتقاء بالصناعة المصرية

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

شخص يدفن ابنته الرضيعة حية في تارودانت

GMT 11:31 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شخصية مثلية في مسلسل "ديزني" الجديد تثير جدلاً واسعًا

GMT 13:04 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بدر كادارين يغيب عن لقاء العودة أمام اتحاد العاصمة

GMT 09:44 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

ملتقى بغداد السنوي الثاني لشركات السفر والسياحة

GMT 00:24 2016 الإثنين ,30 أيار / مايو

طريقة عمل القرشلة او شابورة الحمص

GMT 10:48 2014 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة مريم حسين تنصح الفتيات باختيار زوج ثريّ

GMT 14:29 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

الفنان محمد عشوب يكشف أسرارا عن الفنانة مريم فخر الدين

GMT 00:07 2014 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

سوسيس مشوي

GMT 14:34 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

أسرار وحقائق عن ليلة الدخلة

GMT 10:39 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حجر الزفير من المجوهرات المطلوبة لفصل الشتاء
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya