خبيصة الموازنة بين الحكومة ومجلــس النواب

"خبيصة" الموازنة بين الحكومة ومجلــس النواب

المغرب اليوم -

خبيصة الموازنة بين الحكومة ومجلــس النواب

بقلم : جورج شاهين

تشابكت الملفات ومعها الاستحقاقات الأمنية والمالية والدستورية والتشريعية، من دون أن يكون هناك ما يؤشّر الى إقفال أيّ منها رغم ارتباط بعضها بِمهَل. مع الاعتراف المسبق بأنها بمفردها ومجملها مفتوحة على المجهول في غياب الوسيط القادر على اجتراح المخارج. فقد تصاعدت المواقف الى حيث لم يعد أحد قادراً على ضبطها، وارتفعت السقوف عالياً، فمن سيتراجع أولاً؟
على الرغم من كل الأجواء التي توحي الحلحلة على المستويين الأمني والقضائي لتدارك تردّدات أحداث 30 حزيران الدامية في الجبل، فإنّ تراكم الملفات وتشابكها ألقى بظلاله على مساعي الوسطاء بعدما تعدّدت وجوهها على أكثر من صعيد، وأضيفت الى ما سبقها من قضايا شائكة.

يتوقف أحد المطّلعين عند بعض ما تركته حادثة قبرشمون من تداعيات مباشرة على العمل الحكومي، معتبراً أنّ الأزمة الحكومية التي برزت في جلسة 2 تموز كانت الأصعب على رئيس الحكومة. وأيّاً تكن تبريرات قراره برفع الجلسة عقب اكتمال نصابها القانوني بعد ساعتين من الموعد المحدّد، فإنها لم تقنع أحداً من خصومه وأصدقائه. 

لقد فهم كثر من اللحظة الأولى أنّ الاجتماع في وزارة الخارجية الذي دعا اليه رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل لـ11 وزيراً يشكلون كتلة «لبنان القوي»، عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر ذلك اليوم، كان الرسالة الأبلغ الى الحريري باحتمال استخدام الثلث المعطّل في أي لحظة يريدها.

فقد اختار باسيل الاجتماع في الموعد المحدّد للجلسة في السراي، فجمع الوزراء بسرّية من دون أن يتسرّب عن الخطوة ما يوحي بها مسبقاً. فانطلى الأمر على كثر حتى أولئك المقرّبين منه الذين سمعوا في الساعات التي سبقتها أنّ خطوة تصعيدية ستتخذ للدلالة على إصرار هذا الثلث، على أن يكون أول بند في جدول أعمال تلك الجلسة إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي قبل البحث في أي بند آخر، رغم أهمية موضوعات جدول الأعمال، ولاسيما ما يتعلق بمضمون الملحق الذي جرى تعميمه على الوزراء قبل 24 ساعة، والذي تضمن قطوعات الحسابات العائدة الى موازنات الأعوام الممتدة من 2004 الى 2017 لبَتّها. 

كانت الخطوة المتعلّقة بقطوعات الحسابات إحدى المعابر الإجبارية التي على الحكومة سلوكها بملء إرادتها، قبل أن يبتّ مجلس النواب موازنة عام 2019 المرتبطة بقطع الحساب الخاص بموازنة عام 2017 لتكتمل الخطوات الدستورية التي تسمح بنشرها. وبالتالي عدم تكرار الخطأ الذي ارتكب عند بَت موازنة الـ 2018 من دون قطع حساب موازنة 2016، فلجأ المجلس في حينه الى المخرج الذي اعتمد بتجاوز هذه المحطة لمرة واحدة مع التعهّد بعدم تكراره. فالمادة 87 من الدستور واضحة وصريحة ولا تحتمل أي تفسير أو خلاف دستوري.

ويرى مراقبون أنّ تداعيات ما حصل لم تكن محصورة بالتضحية بمسألة قطوع الحسابات، فقد كانت لجنة المال والموازنة على قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء من مناقشة مشروع الموازنة لإحالته الى جلسة تشريعية، كان رئيس مجلس النواب قد وعد بها قبل نهاية حزيران الماضي لو أنجزت اللجنة أعمالها قبل ذلك الموعد.

أمّا اليوم وقد صار الأمر مستعجلاً، فلا يستبعدنّ أحد أن يلجأ الرئيس بري الى تأجيل الجلسة التشريعية التي دعا اليها أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع المقبل، ما لم تنجح اتصالات اللحظات الأخيرة لعقد جلسة لمجلس الوزراء لبَت قطع حساب عام 2017 قبل بدء مناقشة الموازنة والتصويت عليها. فلم يظهر أنّ بري متحمّس لمخالفة الدستور، مرة أخرى، باللجوء الى المخرج الذي اعتمد العام الماضي. فهو ومعه كثر من النواب يتحسّبون إمكان قيام المعارضة النيابية في أي لحظة تَلي ارتكاب هذا الخطأ بمراجعة المجلس الدستوري لإبطالها ووقف المهزلة المرتكبة دورياً.

لا تقف معايير التخبّط عند هذه المحطة فحسب، إذ تلاها إحياء الخلاف في الساحة القضائية على إحالة وزير العدل قاضيين من القضاة المحسوبين على «المستقبل» الى هيئة التفتيش القضائي قبل بَت مصير مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، ما تسبّب بأزمة حقيقية، رغم أنها صامتة، لكنها قد تنفجر بين لحظة وأخرى. وهي أزمة تظهر الى جانب الأزمة الأمنية والقضائية المتصلة بعدم تسليم الحزبين «الإشتراكي» و»الديمقراطي» المتهمين بإطلاق النار في حادثة الجبل؟ فالتحقيق لن يكتمل ما لم يستمع المحققون الى المتهمين من طرفي الحادث، فليس في الأمر اعتداء من طرف واحد، فهناك مشكلة تسبّبت بها تجاوزات الطرفين.

على هذه الخلفيات، سيرى كل من يسعى الى قراءة ما هو متوقع في الأيام المقبلة أنه سيكون صعباً عليه تحديد من أين يبدأ تفكيك العقد المتشابكة؟ فمن دون ذلك عجز مُتماد عن مقاربة هذه الملفات كما يجب، لأنّ السقوف العالية أدّت الى طرح السؤال: من سيصرخ أولاً، فيتراجع؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خبيصة الموازنة بين الحكومة ومجلــس النواب خبيصة الموازنة بين الحكومة ومجلــس النواب



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya