عندما يخاطب عون المسؤولين بموجب الدستور

عندما "يخاطب" عون المسؤولين بموجب الدستور!

المغرب اليوم -

عندما يخاطب عون المسؤولين بموجب الدستور

بقلم : جورج شاهين

منذ انتخابه رئيساً للجمهورية خاطب العماد ميشال عون رئيس مجلس النواب والمؤسسات اكثر من مرة بموجب صلاحياته الدستورية. وسبق أن مرت عهود رئاسية سابقة لم يسمع فيها اللبنانيون بالمادة 53. وهو امر يفسر بالاحتكام الى الدستور، خصوصاً عندما لا يتوافق رئيس الجمهورية مع المسؤولين، وهو ما ظهر جلياً في رسالتيه الأخيرتين الى رئيسي مجلس النواب والحكومة. لماذا؟ وكيف؟
ليست المرة الأولى التي يخاطب فيها رئيس الجمهورية رئيسَي مجلس النواب والحكومة لأمرٍ ما محدَّد سواء من السلطة التشريعية او التنفيذية، لذلك لجأ الى صلاحياته الدستورية المنصوص عنها في المادة 53 من الدستور، طالباًَ من الرئيس نبيه بري الدعوة الى تفسير بعض البنود في المادة 95 من الدستور، ومن الرئيس سعد الحريري الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء في اقرب وقت ممكن... وذلك تكريساً لمبدأ الفصل بين المؤسسات الدستورية. وتحصيناً لما قال به الدستور عند وقوع أيّ تضارب في تفسير الإجراءات والقرارات والخطوات على مختلف المستويات.

ففي 12 نيسان 2017 خاطب الرئيس عون في كتاب رسمي الرئيس بري طالباً تجميد عمل مجلس النواب شهراً كاملاً لإعادة النظر، ضمن هذه المهلة، في عملية البحث عن قانون جديد للانتخاب بغية فتح الباب على تسوية تؤدّي الى ولادة القانون الذي سبق للمجلس أن تعهّد بوضعه من قبل ولم يفعل.

لجأ رئيس الجمهورية يومها الى ما نصت عليه المادة 59 من الدستور التي قالت ما حرفيّته: «لرئيس الجمهورية تأجيل انعقاد المجلس النيابي الى امد لا يتجاوز شهراًَ واحداً، وليس له أن يفعل ذلك مرتين في العقد الواحد». كان البحث يومها يجري حول امكان انعقاد مجلس النواب من اجل التمديد لنفسه عاماً إضافياً ريثما يصار الى وضع قانون جديد. التزم المجلس النيابي يومها مضمون طلب عون اعترافاً من الجميع بهذه الصلاحية، وجمّد اجتماعاته طيلة شهر.

فكانت مهلة كافية لصرف النظر عن التمديد ولوضع القانون الجديد للانتخاب الذي اعتمد النسبية مع الصوت التفضيلي، ولم يطل الوقت لإقراره فصدر من النصف الثاني من حزيران من العام نفسه.

وفي 30 تموز الماضي أعاد رئيس الجمهورية استخدام هذه الصلاحية طالباً من بري دعوة المجلس النيابي الى تفسير المادة 95 من الدستور من بوابة الفقرة العاشرة من المادة 54 التي قالت ما حرفيّته: «لرئيس الجمهورية أن يوجّه عندما تقتضي الضرورة رسائل الى مجلس النواب». وهو ما فعله تزامناً مع توقيعه قانون الموازنة العامة للعام 2019 دون التوقف عند اعتراضه على المادة 80 منها، لما تشكله بنظره من مخاطر على الميثاق والوفاق الوطنيَين، رابطاً بين مضمونها وفقاً للأصول بمضمون «المادة 95» من الدستور، ولا سيما منها الفقرة «ب» الواردة تحت عنوان «وفي المرحلة الانتقالية»، معطوفة على الفقرة «ي» من مقدمة الدستور. وبرّر خطوته هذه بالحفاظ «على ما يسمو على أيّ اعتبار آخر» وهو «الميثاق والوفاق الوطني والعيش المشترك». معتبراً أنها من «المرتكزات الكيانية لوجود لبنان» ومحتفظاً بـ«حقه وواجبه الدستوريَّين ومن موقعه ودوره وقسمه».

واستناداً الى المادة الدستورية عينها بفقرتها الـ 12 التي تقول إنّ لرئيس الجمهورية الحق في «الدعوة الى جلسةٍ إستثنائية لمجلس الوزراء كلما رأى ذلك ضرورياً بالاتفاق مع رئيس الحكومة». وهكذا وبعد ثلاثة ايام على الرسالة الأولى اتصل عون بالحريري طالباً منه الدعوة الى عقد هذه الجلسة في أقرب وقت ممكن من منطلق أنّ مجلس الوزراء مجتمعاً هو السلطة التي تطرح لديها كل الخلافات والإشكالات السياسية والأمنية، معتبراً انّ لدعوته هذه موجبات وطنية ودستورية بالغة الدقة. وردت اوساط بعبدا هذه الدعوة الى اعتقاد رئيس الجمهورية بـ «بلوغ الوضع حداً خطيراً من تعطيل السلطة الإجرائية ومصالح الناس والخدمات والادارات والمؤسسات، وبعد استنفاد كل الحلول والمبادرات في شأن حادثة قبرشمون». 

ورغم الحديث عن تجاوب رئيس الحكومة مع هذه الدعوة والحديث عن جلسة في بدايات الاسبوع المقبل، غادر الحريري بيروت امس في زيارة خاصة تمتدّ ليومين قبل أن تتوضح الخطوات التي سيلجأ اليها.

وعليه علّق مرجع سياسي ودستوري بأنّ مبادرتي عون عبّرتا بشكل واضح عن انسداد الأفق في الملفين المتعلّقين بمصير المادة 80 من قانون الموازنة، و«حادثة قبرشمون». وقال أنّ عون «لم يعد قادرا على تحمل ما يجري في ظل اخفاق كل الوساطات الجارية على اكثر من مستوى للفصل طوعا، او استمرار الدمج، بين موضوع قبرشمون ومصير جلسات مجلس الوزراء». فاصراره على تفسير الدستور يؤكد على صلاحية المجلس النيابي للقيام بهذه المهمة، وبذلك إنهاء جدل طويل اعقب مصادرة حق المجلس الدستوري بهذه المهمة عند إنشائه تطبيقاً لاتفاق الطائف. كما انّ إصراره على عقد الجلسة الحكومية يأتي تأكيداً لاعتباره انّ الحكومة هي المكان الصالح لبتّ مصير «حادثة قبرشمون» وإقفال الجدل فيها ليستأنف مجلس الوزراء جلساته العادية.

وبناءً على ما تقدّم، وبمعزل عما ستلاقيه مبادرتا عون بالنسبة الى مجلسي النواب والوزراء، صار واضحاً انّ الرئيس بري اجاب عن طلب عون الدستوري بما يقول به الدستور. ووجّه الدعوة امس ضمن مهلة الأيام الثلاثة التي تلي تاريخ الرسالة الى عقد جلسة نيابية في 17 تشرين الأول 2019، وهي الجلسة الأولى للمجلس في الدورة العادية المقبلة التي تفتح تلقائياً في 13 تشرين الأول.

وإن طويت نتائج الرسالة الأولى وفق المهل الدستورية فليس من الواضح أن يكون مصير الثانية سلساً الى هذه الدرجة. فأجواء بيت الوسط تنبئ بمشروع خلاف مع قصر بعبدا، فالمادة الدستورية التي استند اليها عون تنتهي بضرورة التفاهم بينهما، وأيّ خلاف يعطّل مفاعيلها.ولذلك فالمعادلة بسيطة، إن أصرّ عون على ان تشهد الجلسة الوزارية المتوقعة تصويتاً على إحالة «حادثة قبرشمون» فلن تعقد، وبتّ جدول اعمال ايّ جلسة لا يمكن ان يتم بإرادة طرف واحد سواء كان رئيس الجمهورية ام رئيس الحكومة، وإن بقيت مواقف الرجلين صدامية على حالها فلن تعقد الجلسة. 

ولا بد من القول إنّ هناك مَن يعتقد انّ البلاد مشرعة على بوادر مبارزة سياسية ودستورية تتعادل فيها مصادر القوة عند طرفيها. فعون والحريري يدركان انّ المناصفة في المجلس تعطل فوز ايّ منهما بما يريد. وهو ما يؤدي الى بداية احتساب عملية عض أصابع سنشهد فصولها من اليوم.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يخاطب عون المسؤولين بموجب الدستور عندما يخاطب عون المسؤولين بموجب الدستور



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya