قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

المغرب اليوم -

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

بقلم : جورج شاهين

في مقابل اعتراف بعض النواب من كِتل السلطة بضرورة الدفاع عن مشروع قانون الموازنة بلا اقتناع ثابت، هناك من يجرؤ على الخوض في عملية تشريح واسعة لها، فيما تستعد المعارضة لاقتناص الفرصة لتقول كلمتها فيه، بغض النظر عن مواقف الآخرين. فهامش الحركة أمامهم رحب وواسع. وهذه عيّنة من مناقشات تنتظرها ساحة النجمة قبل الوصول الى مراجعة المجلس الدستوري.
قد لا يعترض 127 نائباً في المجلس النيابي، إذا وقفوا امام المرآة، على موقف رئيس الحكومة سعد الحريري، عندما امتعض من شكل المناقشات النيابية ومضمونها، منذ إقرار مشروع قانون الموازنة في الحكومة وإحالته الى المجلس النيابي، وتحديداً تلك التي انتقدت بشدة مواد مهمة فيه وطالبت بتعديلات جذرية. فالحريري تكلّم بكل اللغات الصحيحة، في القانون والدستور، وكل ما يقول به النظام البرلماني الديموقراطي عند توصيفه كل ما صدر من كتل نيابية ممثلة في الحكومة، التي أشبعت المشروع درساً وتمحيصاً على مدى 19 جلسة قبل توليده.

فحكومة «الى العمل» هي البنت البكر لهذا المجلس، ويمكن إعتبارها «مجلس إدارة» انتخبه البرلمان ليدير اعمال السلطة التنفيذية، متنازلاً سلفاً عن مهمته التشريعية والرقابية، في ظل تحكّم الكتل النيابية الكبرى الممسوكة بيد من حديد بالهيئتين التشريعية والتنفيذية، والتي لا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة. فالإستشارت النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية، سمّت رئيسها في «عملية انتخابية» كاملة المواصفات، وحققت التوافقات السياسية ثمارها في توزيع الحقائب السياديّة والخدماتيّة والعاديّة، فتعزّز منطق المحاصصة بأبهى مظاهره بحبل قاد الى ولادة طبيعية امتدت 9 أشهر.

على هذه الخلفيات، يمكن قراءة «فسيفساء» المواقف النيابية التي أُحصيت الى الآن. فإلى مواقف الكتل المعارضة وبعض النواب المستقلين سُجّلت «هفوات نيابية» عدّة. فبعض من دخلوا الى المجلس على صهوة الكتل الكبيرة عبّروا عن مواقف لا تتناسب ومواقف الوزراء ممثليهم في الحكومة. ولذلك يمكن القول، انّ بعضهم خرج علناً عن توصيف رئيس الحكومة لمجرى المناقشات، بعدما اكتشفوا انّ مشوار الوصول الى تحقيق مطالبهم من مشروع القانون في الحكومة لم ينتهِ بعد. فالفشل الذي مُنيت به اقتراحاتهم في الميدان الحكومي دفعهم الى خوض المواجهة مرة أخرى في ساحة النجمة التي تحوّلت مسرحاً آخر لهم بلا حرج.

فنواب كتلة «الوفاء للمقاومة» جاهروا بنيتهم شطب وتعديل بعض المواد مما تضمّنه مشروع القانون، ولاسيما منها تلك المتصلة بفرض ضريبة الـ 2% على المستوردات. وعلى وقع مواقفهم المعلنة التقوا مع كتلة نواب «التنمية والتحرير»، على رفض كل ما يمسّ جيوب الفقراء وذوي الدخل المحدود والمتوسّط، علماً انّ مثل هذه المواقف ستستدرج آخرين تحت قبّة البرلمان الى صفوفهم، فبعضهم يهوون في حال كانت الجلسات الخاصة بالمناقشات علنية ان يخاطبوا «جماهيرهم» بلغة المزايدات الديماغوجية.

وإلى ملاحظات الثنائي الشيعي ومن سيستدرجونه الى الموقع عينه، هناك مجموعة من الضباط المتقاعدين العسكريين النواب الذين دخلوا الى المجلس، كلٌ على صهوة حصان يطارد الآخر، التقوا على الدفاع عن مكتسبات زملائهم المتقاعدين في اكثر من مكان. فإلى رفضهم الإقتطاع من رواتب زملائهم نسبة مئوية لمصلحة الإستشفاء والطبابة، رفضوا ايضاً إخضاعهم لضريبة الدخل. وسبق لهم ان سجّلوا موقفاً موحداً، في محطة جمعت اعضاء من كتلة نواب «حزب الله» و»القوات اللبنانية» و»التيارالوطني الحر» ومستقلين، في مواجهة زملاء من كتلهم وممثلين لهم من اعضاء الحكومة.

والى هذه المواقف النافرة لا يمكن تجاوز مواقف أخرى لنواب أمعنوا في توصيف المشروع بما يتناقض مع ادّعاء زملاء لهم بـ»الإنجاز الكبير»، فيصرّون على ضرورة التوصل الى موازنة عادلة وشفّافة تعيد الإنتظام المالي الى مصاريف الدولة ووقف الصرف الكيفي وفق القاعدة الإثني عشرية وضرورة إنجازها بكل المواصفات الدستورية والقانونية، بما فيها تأكيد أهمية البت بـ»قطع الحساب المفقود» منذ أعوام. وكل ذلك ينطلق على خلفيّة انّ المشروع الذي بين ايديهم لا يتطابق مع كل هذه المواصفات.

وعلى المقلب الآخر، يقف نواب المعارضة ويستعدون مجموعات وأفراداً الى قول ما لم يقله احد في المشروع بعد. فهو في نظرهم بعيد بُعد الأرض عن الشمس عن المقاربة التي يمكن ان تحقق الهدف المنشود من الموازنة، وتحديداً في حسن تقدير الواردات بلا فوارق جسيمة، وفي مواجهة الفساد وسدّ ابواب الهدر والتهرّب الضريبي، ما لم يلامس المشروع الأموال «الغميقة» المهدورة «المقوننة» منها وغير المقوننة، ومعالجة وضع القطاع العام والحدّ من انفلاشه، وضرورة إخراج الموظفين الذين أضافهم بعض «الوزراء النافذين» الى ملاكات الدولة ومؤسساتها منها، منذ آب العام 2017 تاريخ صدور قانون سلسلة الرتب والرواتب، الذي حظّر التوظيف في القطاع العام.

مع استثناء وحيد يتمثّل بعدم المسّ بأولئك الذين تطوّعوا او تعاقدوا مع المؤسسات الأمنية والعسكرية، بعدما توسّعت وازدادت مهماتها على كل المستويات الأمنية والإجتماعية والإدارية، أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة السورية، وانفلاش مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان، عدا عن الحاجة الى مواجهة الإرهاب المتمثّل بمجموعات تتخفّى داخل البلاد وأخرى مرشّحة للتسلّل اليها.

وبالتأكيد، سيكون نواب المعارضة مرتاحين اكثر في التعبير عن رأيهم ما لم يُستتبع المشروع بقطع الحساب، الذي صُرف النظر عنه في موازنة 2018 شرط إبرازه في موازنة 2019، مع ضرورة التنبّه الى إدارة الجلسة النيابية وفق ما يقول به النظام الداخلي بالمناداة افرادياً على النواب، للإعلان صراحة عن موقفهم من كل مادة من مواد القانون، لئلا يُفتح الأوتوستراد عريضاً الى المراجعة امام المجلس الدستوري، حيث يمكن ان تتبخّر كل الإنجازات التي يدّعيها اهل الحكم والحكومة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya