ما هو أدهى من ضرب هيبة الدولة

ما هو أدهى من ضرب "هيبة" الدولة

المغرب اليوم -

ما هو أدهى من ضرب هيبة الدولة

بقلم : جورج شاهين

 إنّ الأضرار غير الظاهرة التي ألحقتها أحداث «الأحد الدامي» في الجبل بهيبة الدولة ومؤسساتها، لا تصدّق. ومن لم يستمع الى شكاوى الأهالي وقلقهم فهو أطرش. ومن لم يشاهد المصطافين على قلّتهم يغادرون المنطقة فهو أعمى، إذ لا يمكن تجاهل هذه المعطيات، ولذلك يُطرَح السؤال: البلد الى أين؟ وحصراً الحكومة الى أين؟
قد يدعو بعض من يتربّع على عرش السلطة وفي موقع المسؤولية الى تجاهل المعطيات السلبية، والتخفيف من مخاطرها التي انعكست على وجوه عدة من حياة الناس. وقد يتجاهل الحقائق بالإدعاء القاطع بالقدرة على تطويق ذيول ما حصل في أسرع وقت ممكن، وإعادة الحركة الى طبيعتها في المنطقة بعد نسج المصالحات الضرورية.

وانطلاقاً من هذه المعادلة، يشكّك بعض العارفين في سهولة ولوج هذه المراحل المتقدمة. فما يدور في الكواليس من سيناريوهات تعكس في حجمها وأهدافها غير المعلنة الاستخفاف بصدقية هذه الوعود وإمكان تحقيقها. ففي عِلم الساعين الى تهدئة الخواطر كثير من الوقائع التي تدل الى ما بلغته ردود الفعل على أكثر من مستوى. وهي لا توحي أنّ هناك من يستطيع رعاية مثل هذه المصالحات التي يتحدثون عنها، خصوصاً من يعتقدون أنهم في موقع يسمح لهم بالحديث مع جميع الأطراف وتقريب وجهات النظر.

فما بلغته التطورات بمظاهرها المعلنة والخفية باتت بعيدة عن مساعي التهدئة، ولا شيء يوحي إمكان البحث في مصالحات بين أهالي القتلى والجرحى من طرفي النزاع في الجبل ممّن دفعوا الثمن الأغلى. وكذلك يستحيل الحديث عن مصالحات على مستوى أوسع بعد أن استدرجت أحداث الجبل البعض الى تحالفات جديدة عكستها الأجواء التي سبقت أحداث «الأحد الدامي» وتَلتها، وتلك التي شهدها اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، وعملية تعطيل جلسة مجلس الوزراء في اليوم التالي.

ويضيف العارفون أنّ رئيس الحكومة لم يتجاوز بعد تعطيل الجلسة، ولا هو مرتاح الى المماطلة في تحديد موعد جديد، لأنه يلاحظ أنّ هناك شروطاً تتسرّب من كواليس الحركة السياسية التي توسّعت على أكثر من مستوى سواء بين المسؤولين مؤيدين كانوا أو معارضين، لِما هو مطروح من مخارج وما يدور في الكواليس الأخرى.

ويُستدل على ما يثبت هذه المخاوف، الشروط التي وضعت لتسَلّم أهالي القتلى جثث أبنائهم من المستشفى قبل التريّث في تحديد مراسم الدفن وتمديدها لنحو أسبوع، جرى استغلال كل يوم منه من أجل إطلاق المواقف التي لا توحي إمكان التوصّل الى تحديد موعد لجلسة مجلس الوزراء المقبلة.

وظهر التفسير للمماطلة في عملية الدفن، التي عدّها البعض محاولة مكشوفة لاستغلال المشاعر وتوظيفها سياسياً، في الحديث عن جلسة حكومية للتصويت على إحالة ملف أحداث الجبل الى المجلس العدلي قبل القيام بأي عمل آخر. وهو شرط لا يمكن لرئيس الحكومة القبول به أيّاً يكن الثمن، فيما لم يظهر أنّ هناك مساعي مبذولة لترميم العلاقات بين أصحاب التسوية السياسية التي زاد بعض المواقف حدّتها.

فوصف وزير الدفاع حادثة الأحد بأنها مَكمَن مسلح، بل الحديث عن أكثر من مكمن على الطريق، إعتبره الفريق الآخر محاولة لإدارة تحقيقات الأجهزة الأمنية والقضائية، وتشكّل حكماً مسبقاً لا يمكن قبوله بمجرد تجاهل أنّ من بين القتلى مَن أطلق «الرصاصة الأولى»، وفقاً للمشاهد التي أظهرتها الأفلام الخلوية والكاميرات المنصوبة في مناطق الأحداث التي امتدت على أكثر من بقعة.

والى هذه القراءة الأمنية والقضائية تبقى الأبواب موصدة أمام الحلول السياسية، ذلك أنّ أي إجماع لم يتحقق سوى نظرياً بالفصل بين الملفات، فكل ما هو قضائي وضع في عهدة القضاء والضابطة العدلية، وما هو ميداني وضع في عهدة الجيش وقوى الأمن الداخلي، وما هو مكمل لعملهما وضع في عهدة «وسيط الجمهورية» المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

وفي انتظار النتائج التي يسعى اليها ابراهيم، صار واضحاً لدى العالمين بالحقائق أنّ المتورطين مباشرة بالحادث ما زالوا أحراراً ومنهم، على سبيل المثال، مرافقو وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب وبضعة عشرات من مطلقي النار من الجانب الإشتراكي. أو على الأقل لم يُعلن بعد عن تسليمهم الى الأجهزة المعنية لمباشرة التحقيقات العميقة المطلوبة، فبقيت حتى الآن محصورة بما يمكن وضعهم على لائحة شهود العيان.

والى هذه المعطيات تبقى الإشارة واضحة الى أنّ ما يسمّى هيبة الدولة وضعت في رأس لائحة الضحايا، ومن بعدها موسم الإصطياف، عدا عن إمكان تطور الأمور الى ما هو أدهى وأخطر إذا لامست حدود دخول البلاد أزمة حكومية قد تنعكس على وجوه عدة من الحياة الطبيعية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هو أدهى من ضرب هيبة الدولة ما هو أدهى من ضرب هيبة الدولة



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya