ما الذي ينتظره الوفد الروســي في بيروت

ما الذي ينتظره الوفد الروســي في بيروت؟

المغرب اليوم -

ما الذي ينتظره الوفد الروســي في بيروت

بقلم : جورج شاهين

منذ ان تدخّل الجيش الروسي في الأزمة السورية والمباشرة بالضربات الجوية على مواقع المعارضة السورية ليل 30 ايلول 2015، تغيّر الكثير من قواعد اللعبة، وتحوّلت موسكو في غضون أشهر لاعباً رئيساً في مجرى التطورات العسكرية، الى أن قلبت الوضع رأسا على عقب خلال اقل من عامين، قبل ان تبدأ بدور المهندس لمجرى العمليات العسكرية والديبلدوماسية، وصولاً الى المباشرة في إعادة بناء سوريا الجديدة على المستويات السياسية والجغرافية، كما الدستورية.

من دون العودة إلى تلك المرحلة، لا يمكن فهم حجم روسيا الإتحادية ودورها في الأزمة وطريقة إدارة الوضع في المنطقة. فقد ادّت علاقاتها المميزة مع اسرائيل، وتلك التي أُعيد بناؤها مع دول الجوار السوري، ولا سيما منها تركيا وإيران، الى عودة «الدب الروسي» من الباب الواسع، ففرضت نفسها على جميع أطراف الأزمة بوجهيها الداخلي والخارجي من الموقع المتقدّم، ودخلت بكل قدراتها، وما تلقّاه النظام السوري وحلفاؤه في حرب المحاور، من دعم في مواجهة واشنطن وحلفائها من مجموعة الحلف الدولي ضد الإرهاب، ففتتت معظم التركيبة التي كانت تعارضها وبنت علاقات متفرّقة معها، واستعادت مقدرات إعادتها الى لعب الدور الكبير الذي كان الإتحاد السوفياتي لعبه في بداية النصف الثاني من القرن الماضي، قبل مرحلة «البيريسترويكا» التي أنهت عهد الأمبراطورية الروسيّة.

من هذه الزاوية بالذات، وعلى خلفية ما حققته موسكو في المنطقة، ينطلق موفدوها الى عواصم العالم بحثاً عن الحلول والمخارج المحتملة للأزمة السورية، على رغم من حجم العقبات التي حالت الى الآن دون الإنتقال من مرحلة الحسم العسكري المُعلّق الى مرحلة التسويات السياسية المعقّدة.

بهذه الذهنية، يصل الى بيروت اليوم الوفد الروسي برئاسة الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف ومعه نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين ومساعديهما، وذلك في مهمة يمكن اختصارها بالبحث عن منفذ يمكن ان يؤدي الى واحد من معظم الملفات المتشابكة بين ما هو عسكري وأمني وسياسي وانمائي وانساني. فهو سيسعى في لقاءاته مع كبار المسؤولين، الى استكشاف ما يمكن القيام به للدفع في اتجاه ما يعني لبنان تحديداً على مستوى ملف النازحين السوريين وإعادتهم الى بلادهم، وتفكيك العقبات التي حالت الى الآن دون توفيرعودة مضمونة، لما لا يفيض على 200 الف من أصل مليون ونصف مليون نازح سوري، ما زالوا يتوزعون في لبنان على مساحة اكثر من 1170 مخيماً عشوائياً من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب مروراً بالعاصمة وضواحيها وجبل لبنان والبقاع.

ويعترف المتعاطون بهذا الملف، أنّ أمام الوفد الروسي مهمة صعبة سيتغلّب فيها ما هو مأسوي على ما هو سياسي وأمني. وهو، وإن لم يُفاجأ بحجم وثقل الترددات السلبية التي تركها النزوح على مختلف نواحي الحياة اليومية، سيصطدم بكثير من العقبات التي تفيض لعدم وجود اي خطة رسمية لبنانية للعودة.

فالمؤسسات التي تتناغم في ما بينها عند كل محطة سياسية، تفقد قدرتها على الفعل في ظل الإنقسام السياسي الحاد حول آلية العودة وظروفها، على رغم من الإجماع على ضرورة توفيرها.

فاللبنانيون منقسمون حول طريقة خفض عدد النازحين في اسرع وقت ممكن، وبعضهم يتحدث عن توسّع «المناطق الآمنة» في سوريا، ولكنه عجز الى اليوم عن إقناع النازحين بالعودة الى هذه المناطق نظراً لصعوبة العيش فيها لأسباب مختلفة، منها ما هو أمني، ومنها ما هو بفعل التدمير الشامل، وما بينهما الشروط التي يتمّسك بها النظام، والتي تعوق العودة الآمنة والطوعية. فبعض من سبقهم الى أرض الوطن عاد بأشكال متعددة وبوسائل غير شرعية.

وعلى وقع الإنقسام السياسي الحاد، يرى المراقبون في أداء المؤسسات الإنسانية وتلك التي تمتهن رعاية النازحين من نواحٍ مختلفة ما يزيد في الطين بلّة. فهم ممسكون بمضمون الإتفاقيات والمواثيق الدولية التي ترعى شؤون النازحين واللاجئين، ويوجّهون الإنتقادات الحادة الى اللبنانيين في تصرّف أقل ما يُقال فيه إنّه يتجاهل عدم وجود دولة كاملة المواصفات وحكومة قادرة على تطبيق ما تقول به هذه المواثيق بحذافيرها. فالجميع يدرك انّ ما يعوق ذلك يثبت فقدان القدرات الماليّة واللوجسيتة والبشريّة، بالإضافة الى ضيق رقعة الأرض التي لا تتسع لهذا الحجم الكبير منهم.

والى هذه المعطيات، لم تتمكن الحكومة اللبنانية، ومعها وزارة الدولة لشؤون النازحين، التي يتجاهلها البرنامج الرسمي للوفد الروسي حتى اليوم، من وضع أي خطة قابلة للتطبيق، سوى تلك التي يجري الحديث عنها أخيراً بلا كثير من تفاصيلها، في وقت ستستحضر الزيارة المواقف اللبنانية المبدئية التي لم تُعِد نازحاً بعد الى بلاده نتيجة اقتصار «العودة الطوعية» على ما نظمته وأنجزته المديرية العامة للأمن العام من جهود في العامين الماضيين وحتى الساعة.

وتجدر الإشارة، الى انّ كل هذه المعلومات والملاحظات هي في ذهن المسؤولين الروس، وأعضاء الوفد من بين الأكثر اطلاعاً عليها. ولذلك طُرِح السؤال: هل يمكن مهمة الوفد ان تحقق أي إنجاز غير متوقع؟

طالما انّ المعلومات لا تتحدث عن أي مبادرة روسية جديدة فقد تتحوّل مهمة الوفد زيارة علاقات عامة ولا شيء يشير الى عكس ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي ينتظره الوفد الروســي في بيروت ما الذي ينتظره الوفد الروســي في بيروت



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya