بقلم : صلاح منتصر
فى خلال الندوة التى عقدت فى أول أيام معرض الكتاب وناقشت كتابى «شهادتى على عبد الناصر»، وقف رجل فى نحو الخامسة والخمسين وقال إنه يريد أن ينتهز الفرصة ليتحدث عن فضل لى عليه منذ نحو عشرين سنة عندما تمكن من التوقف عن التدخين نتيجة كتاباتى التى أثرت فيه.
أحيانا مايسألنى البعض: هل مازلت متحمسا فى كل 9 فبراير للكتابة عن التدخين؟ ومن خلال الرسائل التى تصلني، والناس الذين ألتقيهم، كنت أقول إننى لو كنت نجحت فى إنقاذ واحد فقط من شرور التدخين لكان هذا دافعى إلى مواصلة رسالتي. فقد كنت مدخنا شرها وعرفت متعة التحرر من هذا التدخين عندما تمكنت بإرادة قوية التغلب على هذا الشر الخطير، وهو ما أردت أن أنقله بحب وأساعد المدخنين على التحرر منه.
والمدخنون كما عرفت ينقسمون إلى ثلاثة أنواع: المدخن السعيد، والمدخن العنيد، والمدخن المريض. أما المدخن السعيد فهو الذى يتصور أن حياته معلقة على السيجارة أو الشيشة أو السيجار أو أى نوع من أنواع التدخين. وهو يعطى ظهره ساخرا لأى نصيحة يسمعها أو يقرؤها ضد التدخين، وإذا كان التدخين ضارا بالصحة فهو ضار بصحة الآخرين وليس بصحته هو.
والمدخن العنيد هو حالة من حالات المدخن السعيد الذى بدأ التدخين يؤثر عليه وعلى صحته لكنه يقاوم ويعاند ويصر على أن شفاءه فى الاستمرار فى إشعال السيجارة وتدخينها فمزاجه فوق كل اعتبار.
أما المدخن المريض فهو الذى يدخن ويعاني، وفى كل مرة يشعل فيها سيجارة يلعنها ويتمنى التخلص منها، ولكن لا يعرف كيف. وعلى العكس يزداد اكتئابا لأنه وجد نفسه ضعيفا أمام هذه اللفافة البيضاء التى تلتهم صحته وتضر كل من حوله، وبالتالى يستصغر نفسه أمام نفسه لأنه إنسان ضعيف الإرادة.
إلى هذا النوع الأخير نواصل الحديث، أما بالنسبة للمدخن السعيد والعنيد فأنصحهما بقطع المقالات لأنهما حتما سيعودان إليها يوما!