بوتفليقة وسؤال «حسن الختام»

بوتفليقة وسؤال «حسن الختام»!

المغرب اليوم -

بوتفليقة وسؤال «حسن الختام»

بقلم - حسن البطل

بدأت من ساحة بورقيبة، في تونس الخضراء، حركة تمرُّد أولى فيما صار «الربيع العربي»، وكانت ترفع شعاراً من كلمة واحدة في الفرنسية dégagé، وتدحرجت شرقاً إلى ليبيا ومصر رافعة ترجمتها العربية «ارحل» التي تطورت إلى شعار «الشعب يريد إسقاط النظام». تدحرجت حركة التمرُّد إلى الجناح الشرقي من العالم العربي في سورية واليمن، ولكن مع شعار «سلمية.. سلمية»، وتطور في هذين البلدين إلى احتراب دموي، وتدخلات إقليمية ودولية. الآن، انعطفت حركة «الربيع العربي» غرباً إلى الجزائر مع شعار: «سلمية.. سلمية»!
تنحّى الرئيس العسكري لتونس سلمياً، وتبعه تنحّي الرئيس العسكري لمصر سلمياً، لكن الرئيس العسكري لليبيا قُتل لأنه رفض التنحّي السلمي، والرئيس العسكري لليمن قُتل لذات السبب، وصمد الرئيس العسكري لسورية، لكن البلاد لم تعد البلاد، والشعب لم يعد الشعب، والجيش لم يعد الجيش!
الرئيس العسكري للسودان يرفض التنحّي. إنه يُراوغ، لكن جيشه لم يفتح النار بعد على حركة جماهير تطالبه بالرحيل، والرئيس الجزائري، القادم من جبهة التحرير الوطني، الذي تصفه حركة تمرد الشباب بأنه «دمية العسكر» بدأ أخيراً حركة تراجع عن الترشيح لـ «عهدة خامسة» واقترح تمديد الـ «عهدة الرابعة»، ريثما تقرر «ندوة» وطنية موسعة كيفية الانتقال إلى «جمهورية جديدة» ذات «دستور جديد».
كانت جبهة التحرير الوطني هي قائدة بلاد المليون شهيد، ثم صارت حزب جبهة التحرير، وفي حكم بوتفليقة، الذي أنهى عشرية احتراب أهلي بين الجيش والحركة الإسلامية، صارت هناك أحزاب أخرى، انسحب مرشحوها احتجاجاً من التنافس على انتخابات رئاسة «العهدة الخامسة»، وقبلهم انسحاب أعضاء في حزب جبهة التحرير احتجاجاً، وانضم أعضاء قدامى في جبهة التحرير إلى المعارضة لـ «العهدة الخامسة». أبرزهم أيقونة الحركة جميلة بوحيرد، التي يحاول رئيس حكومة جديد ضمها إلى «الندوة» الوطنية الموسعة.
حتى الآن، يمكن القول إن «ربيع الجزائر» كان فريداً في سلميته، كما كان كذلك في «ربيع تونس». فرنسا وحدها من بين جميع الدول رأت أن تراجع بوتفليقة عن الترشح لـ «العهدة الخامسة» يفتح صفحة جديدة، لأن الفوضى الجزائرية تؤثر على استقرار فرنسا، لكثرة الفرنسيين من أصل جزائري، لكن أصالة التمرد الجزائري دفعت المتظاهرين إلى القول: «يا فرنسا، أخرجنا الاستعمار وحدنا، وهزمنا الإرهاب وحدنا.. وسنهزم النظام وحدنا»!
بحكم الاستعمار الفرنسي الطويل للجزائر، انتقلت كلمات عربية إلى الفرنسية، وبعضها باللهجة الجزائرية، ومنها لفظة «الحيطيطين»، أي الطلاب والشباب المتعطّلين، الذين يستندون على حيطان الشوارع ويدخنون.. ويتذمرون!
تغيرت الجزائر، وتغير شبابها وطلابها، وهم الذين يقودون «ربيع الجزائر» المختلف حتى الآن، وانضم إليهم المحامون وأساتذة الجامعات، وأعضاء في الحزب الحاكم.
قسم من الشارع الجزائري رحّب فورياً بتراجع بوتفليقة عن «العهدة الخامسة» وقسم آخر اعتبر ذلك مناورة من جانب الرئيس استجابة لبطانة النظام والعسكر. الجيش حذّر قبل تراجع الرئيس وبعده من تكرار «العشرية السوداء» في تسعينيات القرن المنصرم، ومن تحول «ربيع الجزائر» إلى ما صار إليه في غير بلاد عربية.
ربما لا يكون ربيع الجزائر وربيع السودان آخر موجات ارتدادية لربيع تونس، ولكن الجزائر هي موطن أنجح حركة تحرر وطني عربية، وبلاد «المليون شهيد»، وأول بلاد الحروب الأهلية بين الجيش والإسلاميين. إلى ذلك، فإن العلم الجزائري الوطني هو أعرق الأعلام الوطنية العربية، لأنه كان علم ثورة عبد القادر الجزائري.
لكل دولة عربية علمها ونشيدها الوطني، فإن كان العَلَم الوطني الجزائري هو عميد الأعلام العربية، فإن النشيد الوطني الجزائري لعله الأكثر حماسية، وعنفواناً، لأنه يعكس عنفوان وعنف النضال الوطني الجزائري للتحرر من الاستعمار الفرنسي.
كان الرئيس بوتفليقة أطول من حكم بلاد الجزائر، وخطاب بوتفليقة في التراجع عن الترشيح لـ «عهدة خامسة» تبدأ مقدمته بعبارات دينية إسلامية، لكنها عبارات مواربة للحكمة العربية التي تقول: «ارحموا عزيزَ قومٍ ذلّ»، واللهم نسألك حسن الختام.
من أنهى عشرية سوداء، عليه أن يُنهي ربيع الجزائر السلمي بسلام أهلي.

حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتفليقة وسؤال «حسن الختام» بوتفليقة وسؤال «حسن الختام»



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya