لغسّان؛ للجمع في صيغة المفرد

لغسّان؛ للجمع في صيغة المفرد

المغرب اليوم -

لغسّان؛ للجمع في صيغة المفرد

بقلم : حسن البطل

يواكب "إطلاق ملتقى فلسطين الثاني للرواية" ذكرى اغتيال إسرائيل للشهيد غسّان كنفاني. يقول وزير الثقافة الحالي، الزميل عاطف أبو سيف، إن غسان "أسّس الرواية الفلسطينية الحديثة". هناك من يقول إنه ودرويش وناجي العلي، أسّسوا وعياً ثقافياً فلسطينياً، وقد أضيف إليه حبيبنا: إميل حبيبي.

هنا، إعادة مواكبتي لذكرى الاغتيال، المنشورة يوم 7/7/2001:
***
له حالات الماء.. وأكثر من حالاته الثلاث: الغازية، السائلة .. والصلبة. هو، نفسه، غسان كنفاني ثالث أركان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. الركنان الآخران: وديع حداد، جورج حبش.
الجبهة الشعبية ذاتها هي الكويكب الذي تمخضت عنه سحابة التكوين المسماة حركة القوميين العرب.
بالإذن من أدونيس 'المفرد بصيغة الجمع'، أو بالإذن من غسان .. الذي هو، أيضاً، 'جمع بصيغة المفرد' .. لأن له حالات الماء: الصحافي. الأديب .. والفنان، الفلسطيني، العربي .. والأممي، الزوج الوفي، العاشق الولهان .. والرفيق للرفاق.
يقول الأطباء إن القلب لم يعد معجزة ثانية، وإن العقل قد لا يظل معجزة أولى .. ولكن الكبد، حيث تجري ثلاثة آلاف عملية كيماوية، قد يبقى معجزة ثالثة.
كان يمشي، وئيداً، إلى موته بانفطار في كبده (النشاء سكر، والسكر طاقة)، ولكنهم اختطفوه إلى موته بانفجار جعل هذه 'الآلة الإنسانية' الفريدة .. أشلاء اختلطت بأشلاء ابنة شقيقته، واختلطت أشلاؤهما، بقوّة النار، بكلّ عناصر المادة: حديد، زجاج، وتراب.
.. والطاقة حياة؛ والحياة يجب أن 'تسرّ الصديق'، وقد أودع مسرّاته في الصحافة هو (مدرسة صحافيّة فلسطينية أولى: تحريراً، عنونة .. وإخراجاً أيضاً). ثم أودع مسرّاته في الأدب (روايات أولى عن تحويل الحلم إلى فعل، وكتابات نقدية يتصدّرها هذا المولود الأول في المكتبة العربية: 'في الأدب الصهيوني').
.. ثم أودع مسرّاته في الخط (رسم كلمة فلسطين لوحة فنية تضيء بالحداثة في شكلها، وفي مضمونها تستعير زخرفة الثوب الفلسطيني). 
لم يقصّر حتى في الرسم بين 'خرابيش' و'اسكتشات' إلى لوحة 'الفارس' التي تستحق رفع 'الهاوي' إلى درجة 'المتمرّس'.
.. هل نقول، وأخيراً؟
أخيراً.. ماذا؟ غسان مصمّم الملصق، أو مصمّم شعار الجبهة الشعبية، الأكثر قوّة تشكيليّة بين سائر شعارات الفصائل، الأشدّ ديناميكيّة .. والأقل ثرثرة: مجرّد تحوير للسهم الذي يذهب حاداً وصاخباً إلى صميم أرض البلاد.
قبل غسان، تحدثوا عن 'التفرّغ للإبداع'. بعد غسان اشتكوا من 'حمل بطيختين بيد واحدة'. ولكنه 'رئيس التحرير' و'المحرر' و'المخرج'؛ ولكنه الصحافي، والفنان، والأديب.. ولكنه الزوج، والرفيق والعاشق؟!.
'ولكن الحياة قصيرة' حتى لو امتلأت حياة غسان بحالات الماء الثلاث كلها: الغازية؛ السائلة.. والصلبة.
لم أعرف غسان، قط، وجهاً لوجه .. لكنني عرفت حالات إبداعه كلها، ثم عرفت عن قرب زوجته وأولاده، وزملاءه الذين أغلق معهم العدد الجديد من 'الهدف'، وأغلق معهم يومه الطويل بأطراف نهار يوم جديد.
الرجل الأكثر غموضاً (وديع حداد) والرجل الأكثر سفوراً وانكشافاً (غسان كنفاني)، والرجل الأكثر عناداً (جورج حبش) .. وسيُعاني الرفاق من تعدّد حالات الماء. 
سيُعانون من الرومانسية القومية، من الأممية، من الوطنية التي تقرب من التعصّب الشوفيني.. وعندما يكبرون من خندق إلى خندق، سيجدون أنفسهم يُقاتلون في 'خندق دائري'. سنجد روح الجبهة الشعبية في ثنايا قراءاتهم الجديدة والمغايرة. سنجد الحكمة ممزوجة بالطيش، وماء الواقعية لم يدرك بعض الطحين، وخبز التجربة يحمل نكهة الطحين والعجين.. و'الغاتوه' أيضاً.
* * *
الرابعة فجر يوم صيف. بالشورت القصير. بالصندل المبلّل بماء البحر. بشعر رأسٍ مشوّش.. أدَّيتُ 'تحيّة عسكريّة' للجاثم في القبر. للعبارة التي اختارها الميت لموته: 'باقٍ في حيفا'.
كنّا ثلاثة: خالد درويش، سهام داود.. وأنا. بل كنا أربعة. كانت معنا روح الميت في مقبرة الشهداء - شاتيلا - بيروت: 'غسان كنفاني'.
'باقٍ في حيفا'. 'عائد إلى حيفا'.. وزائر لحيفا، كتبوا على بطاقة هويتي (الرقم الوطني): 'مكوم موليديت: إسرائيل' وعلى جواز / وثيقة السفر: 'مكان الولادة: طيرة حيفا 14/7/1944'.
ما الذي يشدّني إلى هذا 'الغسان' المائي - الأرضي - الهوائي؟
'أنا أكبر من إسرائيل' قال غسان كنفاني في مؤتمر صحافي ببيروت. لعلّ هذا امتيازي الوحيد: أكبر عمراً من إسرائيل.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغسّان؛ للجمع في صيغة المفرد لغسّان؛ للجمع في صيغة المفرد



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya