تشكلت حكومة لبنانية أم لم تتشكل…

تشكلت حكومة لبنانية أم لم تتشكل…

المغرب اليوم -

تشكلت حكومة لبنانية أم لم تتشكل…

بقلم - خير الله خير الله

سعد الحريري سعى ويسعى، إلى أن تكون في الحكومة نواة صالحة تضمّ أشخاصا لديهم حدّ أدنى من الأخلاق والعلم والمعرفة والصلة بالعالم الحضاري وما يدور فيه. لكنّ مثل هذه النواة لن تكون كافية من أجل النهوض بلبنان.

 

تمكن الرئيس سعد الحريري أخيرا من تشكيل حكومة لبنانية، وذلك بعد خمسة أشهر ونصف شهر على تكليفه المهمّة التي لم يكن مفترضا أن تستغرق أكثر من بضعة أيّام، أم لم يتمكن من ذلك. يبقى الأساس أن هناك حاجة إلى تشكيل حكومة طبيعية في بلد يعاني من وضع غير طبيعي. يفرض ذلك أن تُتْركَ لرئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري حرية اختيار أعضاء الحكومة من ذوي الكفاءات الحقيقية، بدلا من المحاصصة التي لن تؤدي سوى إلى مزيد من الخراب. من المرجح أن يتمكن سعد الحريري من تشكيل حكومة على الرغم من العصي التي وضعت مسبقا في دواليب الحكومة.

لماذا من الضروري الإتيان بحكومة طبيعية. هذا عائد قبل كلّ شيء إلى أنّه ليس أسهل من الإتيان بحكومة تضم وزراء يعرفون في مواضيع الكهرباء والمياه والتخلص من النفايات… والبحث عن كيفية التعاطي مع الموضوع الأكثر خطورة. هذا الموضوع مرتبط بالأزمة الاقتصادية التي تهدد لبنان والتي باتت ذات جذور عميقة في ظل حال من التعتير والكساد ليس بعدهما تعتير وكساد ضربا إدارات الدولة ومؤسساتها. وحدها الحكومة الطبيعية تستطيع ذلك. كلّ ما تبقّى سقوط في لعبة لا تخدم لبنان بأي شكل، بمقدار ما أنّها تساهم في تعطيل البلد، أكثر مما هو معطّل وتهجير مزيد من اللبنانيين إلى خارج بلدهم بحثا عن لقمة الخبز وحياة كريمة ومستقبل لأولادهم.

هناك مئات اللبنانيين يمكن الاختيار بينهم للوصول إلى تشكيل حكومة تضمّ شخصيات تضع مصلحة لبنان فوق مصلحة الحزب والطائفة والمذهب، وفوق مصلحة هذا الزعيم أو شبه الزعيم أو ذاك الذي يبحث عن كيفية جمع ثروة بأسرع ما يمكن. ما ذنب لبنان إذا كان هناك مسيحيون يعانون من جوع إلى السلطة والثروة. يعتقد هؤلاء أنّ في استطاعتهم استعادة حقوقهم عبر سلاح “حزب الله” الذي ليس سوى ميليشيا مذهبية تنفذ أجندة إيرانية.

ما هذه المهزلة التي صار فيها قسم من مسيحيي لبنان يعتقد أن في الإمكان الاستعانة بلواء في “الحرس الثوري” الإيراني من أجل استعادة حقوق المسيحيين؟ لم يستوعب قسم لا بأس به من هؤلاء المسيحيين معنى أن يكون “حزب الله” هو من يقرر من هو رئيس الجمهورية اللبنانية.

رحم الله ريمون اده الذي رفض أن يكون رئيسا للجمهورية في حال كان عليه دفع ثمن ما في مقابل ذلك. رحم الله بيار حلو الذي رفض أن يكون رئيسا للجمهورية بعد اغتيال الرئيس رينيه معوّض في تشرين الثاني – نوفمبر 1989 لأنه كان يعرف ماذا يعني أن تكون حياة رئيس الجمهورية اللبنانية مهدّدة في كلّ وقت في حال لم ينفذ المطلوب منه سوريّا.

مرّة أخرى، على اللبنانيين التوقف عن الضحك على أنفسهم. لا يمكن أن تستقيم أمور بلدهم من دون حكومة تضم مجموعة من الأشخاص يمثلون أفضل ما في لبنان، تحل مكان طاقم يضم مجموعة من الفاشلين من أصحاب الألسن الطويلة الذين لا يمتلكون موهبة أخرى غير موهبة التبجح بواسطة كلام فارغ لا مضمون سياسيا أو تنمويا حقيقيا له.

الأكيد أن سعد الحريري سعى، ويسعى، إلى أن تكون في الحكومة نواة صالحة تضمّ أشخاصا لديهم حدّ أدنى من الأخلاق والعلم والمعرفة والصلة بالعالم الحضاري وما يدور فيه. لكنّ مثل هذه النواة لن تكون كافية من أجل النهوض بلبنان الذي يعاني من عجزه عن الخروج من ثلاث دوائر مقفلة وجد نفسه في أسرها. هذه الدوائر هي الوضع الاقتصادي، أوّلا، الذي تسبب إقرار سلسلة الرتب والرواتب في جعله يسوء أكثر، بما ينعكس سلبا على الموظفين العاديين الذين كان مفترضا أن يستفيدوا من السلسلة الجديدة.

هناك دائرة ثانية هي ترهّل مؤسسات الدولة وخدماتها على كلّ صعيد وفي كلّ مجال من المجالات. يكفي ما شهده مطار رفيق الحريري طوال شهري آب – أغسطس، وأيلول – سبتمبر الماضيين للتأكد من ذلك. هناك غياب لأي وعي بأهمية المطار وكيفية توسيعه تدريجيا من أجل جعله في مستوى أي مطار صغير في الخليج.

الأكيد أنّه لا يمكن لمطار بيروت التحول فجأة إلى ما يشبه مطارات كبيرة مثل مطار أبوظبي أو دبي طبعا، لكن من المعيب أن يكون أي تفكير في دور المطار في إعادة الحياة إلى بيروت زال من الوجود في اليوم الذي اغتيل فيه رفيق الحريري في العام 2005. مضى خمسة عشر عاما ولا يوجد من يبني حجرا. على العكس من ذلك، هناك من يريد تدمير ما بني بين 1992 و2005 في الفترات التي كان فيها رفيق الحريري رئيسا للوزراء.

تبقى الحلقة المقفلة الثالثة وهي الأهمّ. ترتبط هذه الحلقة بسؤال: أين موقع لبنان العربي. هل يستطيع لبنان الاستفادة من عمقه العربي أم أنّ المطلوب اليوم أكثر من أي وقت، قبل أيام من دخول العقوبات الأميركية الجديدة على إيران حيز التنفيذ، تحويل الحكومة اللبنانية غطاء للتحايل على هذه العقوبات.

هذه لعبة خطيرة يمكن أن تكلّف لبنان الكثير في حال وجد من يعتقد أن في استطاعته عزل لبنان عن محيطه العربي وقطع علاقته بدول الخليج، على رأسها المملكة العربية السعودية التي لم تقدم للبنان ولم ترد له يوما غير الخير.

هناك جهود كبيرة بذلت وما زالت تبذل من أجل توريط لبنان في لعبة أكبر منه لا يمكن إلا أن تقضي عليه. اسم هذه اللعبة هو “محور المقاومة”. مطلوب أكثر من أي وقت استخدام عبارة “محور المقاومة” كي يكون لبنان ورقة إيرانية ولا شيء غير ذلك.

هل سيكون في استطاعة الحكومة الجديدة، في حال تشكيلها، لعب دور في مقاومة “محور المقاومة”؟ لم يكن لهذا “المحور” في يوم من الأيّام سوى هدف واحد وحيد هو تحقيق الانتصار على لبنان بدل تحقيق الانتصار على إسرائيل. لم تكن إسرائيل يوما ضدّ هذا التوجّه الذي تظل نتائج حرب صيف العام 2006 أفضل دليل عليه.

خرج “حزب الله” من تلك الحرب منتصرا على لبنان بعد تقديمه كل المبررات التي مكنت إسرائيل من تدمير جزء من البنية التحتية للبلد. راح الحزب بعد ذلك يتقدم خطوة – خطوة في اتجاه وضع اليد على لبنان، وصولا إلى التورط المباشر في الحرب على الشعب السوري وتكبيل لبنان بالحلقات المقفلة الثلاث…التي لا يمكن أن تكسرها غير حكومة طبيعية في بلد غير طبيعي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشكلت حكومة لبنانية أم لم تتشكل… تشكلت حكومة لبنانية أم لم تتشكل…



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya