إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

المغرب اليوم -

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

بقلم - خير الله خير الله

إذا كانت إيران حريصة على السنّة، لماذا لا تتوقف عن اضطهاد مواطنيها السنّة في بلوشستان وجزء من الأحواز فضلا عن الأكراد لمجرّد أنّهم سنّة؟

قبل أيام من احتفال لبنان بالذكرى الخامسة والسبعين للاستقلال، جاء المؤتمر الصحافي لسعد الحريري ليؤكّد أن هناك من لا يزال يقف حاجزا في طريق سقوط لبنان وانهياره. لم يفت رئيس الوزراء المكلف التذكير بأنه لا يستطيع أن يكون “أم الصبيّ” إلى ما لا نهاية. ليس في استطاعة سياسي لبناني يبحث عن حلول ومخارج، ضمن ما هو معقول ومنطقي وفي إطار احترام الدستور، التكفل وحده بحماية لبنان مهما كان لهذا السياسي من رصيد. لذلك كان على سعد الحريري وضع الجميع أمام مسؤولياتهم. على رأس هؤلاء “حزب الله” الذي لا يريد استيعاب أن مجرد قبول رئيس الوزراء المكلف إشراكه في الحكومة يشكل، بحد ذاته، مجازفة كبيرة. إنّها مجازفة لبنانية من النوع الثقيل.

إنّها مجازفة بالاقتصاد اللبناني وبالرصيد الشخصي لسعد الحريري الذي يعرف قبل غيره معنى العقوبات الأميركية الجديدة على إيران وعلى الميليشيات المذهبية التابعة لها. ففي الوقت الذي كان سعد الحريري يعقد مؤتمره الصحافي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تصنيف نجل حسن نصرالله “إرهابيا عالميا”. لم تكتف بذلك. فرضت عقوبات على أربعة أشخاص آخرين (ثلاثة لبنانيين وعراقي) بحجة دعم هؤلاء لأنشطة “حزب الله” ومصادر تمويله.

بعض الهدوء يبدو أكثر من ضروري هذه الأيّام. ما يبدو أكثر من ضروري أيضا هو الاقتناع بأنّ المطلوب البحث عن وسيلة كي يبقى لبنان محيّدا إلى حدّ ما، في انتظار معرفة آفاق المواجهة الأميركية – الإيرانية. من يريد حماية لبنان بالفعل لا يضع العصي في طريق تشكيل حكومة لبنانية. على العكس من ذلك، يعمل من أجل تسهيل هذه المهمّة، أقلّه من أجل حماية النظام المصرفي والاقتصاد بشكل عام. ولكن هل لبنان همّ لدى “حزب الله”.

بدل أن يتلهى “حزب الله” بفرض شروط على سعد الحريري، شروط من نوع توزير أحد النواب الستّة من “سنّة حزب الله”، يفترض به التفكير في نتائج أي انهيار اقتصادي وفي كيفية تفاديه. ستترتب على مثل هذا الانهيار نتائج مرعبة ستطال جميع اللبنانيين وليس السنّي والمسيحي والدرزي فقط. ستطال الشيعي أيضا. الأكيد أن استيعاب شخص مثل رئيس مجلس النواب نبيه برّي لهذا الواقع جعله متفهّما إلى حد بعيد لموقف الرئيس الحريري.

هذا ليس وقت تصفية الحسابات الصغيرة. قالها سعد الحريري بالفم الملآن عندما شدّد على أنه بدأ يشكك في جدوى الاستمرار في نظرية “أم الصبي”. هذه النظرية التي تعني تقديم “تيار المستقبل” كلّ التنازلات المطلوبة منه كونه يريد المحافظة على لبنان، في حين يرفض الآخرون تقديم أي تنازل من أيّ نوع من أجل لبنان.

تختصر الوضع اللبناني في المرحلة الراهنة كلمة واحدة هي كلمة الفارق. هناك فارق بين مدرستيْن. مدرسة ثقافة الحياة واسمها الدفاع عن مصالح لبنان، ومدرسة أخرى اسمها ثقافة الموت التي تنادي بالتضحية بلبنان من أجل إيران. هذا كلّ ما في الأمر. وحده سعد الحريري يصنع الفارق ويجسّد في هذه المرحلة ما تعنيه هذه الكلمة. وحده سعد الحريري يعمل من أجل عدم سقوط لبنان في الفخ الإيراني الذي يعمل “حزب الله” من أجل وقوع لبنان فيه. دفع سعد الحريري غاليا رفضه السقوط في يد إيران التي تسعى في السنة 2018 إلى تحقيق غزوة أخرى لبيروت والجبل على غرار غزوة أيار – مايو 2008. تسعى هذه المرّة إلى استخدام الوسائل السياسية لتحقيق ما تريد تحقيقه في حين لجأت في 2008 إلى غزوة عسكرية عندما اجتاحت ميليشيا “حزب الله” بيروت والجبل مستهدفة سعد الحريري ووليد جنبلاط.

ليس الإصرار على توزير نائب من “سنّة حزب الله” سوى الجانب الظاهر من هذه الغزوة الإيرانية الجديدة التي كان مفترضا أن تأتي بنتائجها السياسية في الانتخابات النيابية للعام 2009. انتصرت القوى الرافضة للخضوع لإرادة “حزب الله” في تلك الانتخابات، وذلك بعدما قرّر سعد الحريري المواجهة. استمر في المواجهة عندما ذهب إلى إيران في 2010 كرئيس للحكومة. رفض من قلب طهران مطالب إيرانية ثلاثة. كان المطلب الأوّل السماح للإيرانيين بدخول لبنان من دون تأشيرة أسوة بأيّ مواطن عربي. أما المطلب الثاني فكان توقيع معاهدة دفاعية لبنانية – إيرانية، على غرار تلك التي بين إيران والنظام السوري. كان المطلب الثالث فتح النظام المصرفي اللبناني أمام إيران. يبدو تحقيق هذا المطلب الذي لا تزال إيران متمسّكة به، من رابع المستحيلات في الظروف الراهنة.ما يفسّر الهجمة المتجددة على سعد الحريري التراجع الإيراني في غير منطقة، بما في ذلك اليمن حيث اشتدت معركة الحديدة في ظل موقف بريطاني غامض من الحوثيين (أنصار الله).

حسنا، لعبت قضية المواطن السعودي جمال خاشقجي الذي جرت تصفيته في القنصلية التابعة للمملكة في إسطنبول دورا في حجب الاهتمام، أقلّه مؤقتا، عن قضية أساسية ذات أبعاد إقليمية ودولية هي العقوبات الأميركية على إيران. الأكيد أن الضغط على لبنان لن يفيد إيران في شيء، خصوصا أن لبنان ليس همّا أميركيا. لبنان لم يصبح بعد تابعا لإيران على الرغم من كلّ ما بذلته من أجل فرض وصايتها عليه وعلى الرغم من إلغاء الحدود بين سوريا ولبنان كي يشارك “حزب الله” في الحرب على الشعب السوري من منطلق مذهبي بحت.

باختصار شديد، لبنان ليس بدلا عن ضائع وليس مكسر عصا. إذا كانت لإيران مشكلة مع الإدارة الأميركية، فلتبحث عن حلّ لهذه المشكلة وعن مخارج عبر سلطنة عُمان وغير سلطنة عُمان. ما ذنب لبنان إذا كانت إدارة دونالد ترامب قررت تمزيق الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني؟

لن يفيد الانتصار على لبنان إيران في شيء. أنْ يكون لبنان رهينة إيرانية لن يقدّم ولن يؤخّر في واشنطن. لن يفيد إيران اختراق سنّة لبنان ووضع قسم منهم تحت جناحها. معروف كيف حصل ذلك، ومعروف من فرض القانون العجيب الغريب الذي جرت الانتخابات النيابية الأخيرة على أساسه. تحدث سعد الحريري عن ذلك في مؤتمره الصحافي وقال إنّ “المرء لا يدفع الفاتورة مرتين”. إذا كانت إيران حريصة كلّ هذا الحرص على السنّة، لماذا لا تتوقف عن اضطهاد مواطنيها السنّة في بلوشستان وجزء من الأحواز، فضلا عن الأكراد لمجرّد أنّهم سنّة؟ لماذا ليس مسموحا بناء مسجد سنّي في طهران؟ لماذا لم يدخل وزير سنّي الحكومة الإيرانية منذ انتصار “الثورة الإسلامية” في العام 1979؟ ماذا عن طريقة تعامل إيران مع سنّة العراق، وهو تعامل يحتاج شرحه إلى أكثر من كتاب واحد؟

هناك لعبة مكشوفة في لبنان. هناك احتقان في طهران. هذا الاحتقان لا تنفسّه حكومة يشكلها “حزب الله” لسعد الحريري… ولا انتصار على لبنان وسنّة لبنان ولا على مسيحييه ولا على دروزه!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا كانت إيران حريصة على السنّة… إذا كانت إيران حريصة على السنّة…



GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتذار متأخّر لوزير ظلمناه

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya