رودس إيراني ـ إسرائيلي في عمّان

رودس إيراني ـ إسرائيلي في عمّان!

المغرب اليوم -

رودس إيراني ـ إسرائيلي في عمّان

بقلم - راجح الخوري

كانت «ليلة الصواريخ» في العاشر من مايو (أيار) الماضي حاسمة عسكرياً، وكذلك لجهة الترتيبات الأمنية التي ستفرضها تحديداً في منطقة الجنوب الغربي السوري. في تلك الليلة، بعدما تساقطت رشقات من الصواريخ على مراكز الإسرائيليين في هضبة الجولان المحتلة، ردت تل أبيب بقصف صاروخي وجوي استهدف عشرات المواقع الإيرانية في سوريا، وقال وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان إنه تم تدمير كل المراكز الإيرانية في سوريا!

المرصد السوري لحقوق الإنسان تحدث عن مقتل 28 عسكرياً على الأقل، بينهم 7 من قوات النظام السوري، و21 من القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها. وذكرت معلومات سربتها إسرائيل أن الغارات الإسرائيلية استهدفت موقعاً قيادياً يتمركز فيه «فيلق القدس»، التابع للحرس الثوري الإيراني، كان فيه قائد الفيلق الجنرال قاسم سليماني، الذي يقول الإسرائيليون إنه أشرف على عمليات القصف الصاروخي على الجولان.

وفي المعلومات التي سربتها إسرائيل أن الصواريخ الإسرائيلية تعمّدت إصابة مواقع الفيلق وأبنيته في إحدى قواعد حماة، ودمرتها مستثنية المبنى الذي كان سليماني في داخله، لكن لم يتوافر أي خبر من مصادر أخرى عن وجود سليماني في سوريا تلك الليلة.

من المعروف أن الرئيس حسن روحاني حرص على التعليق على أحداث تلك الليلة بالقول إن إيران لا تريد التصعيد، في حين رفع بنيامين نتنياهو من تهديداته قائلاً إن إسرائيل لن تسمح بحصول إيران على سلاح نووي، ولن تقبل بتمركزها عسكرياً في أي نقطة من سوريا، وستواصل قصف مخازن «حزب الله» الصاروخية في سوريا، وستحرص على تدمير الشحنات الصاروخية الإيرانية المرسلة إلى لبنان.

وفي حين كانت الجهود الدبلوماسية منصبة، أميركياً وروسياً، لمنع أي تصعيد يؤدي إلى إشعال حرب واسعة، قد تمتد لتشمل لبنان أيضاً، فاجأ النظام السوري هذه المساعي عندما قامت مروحيات في 28 مايو الماضي بإلقاء منشورات تحذر من عملية عسكرية ستستهدف محافظتي درعا والقنيطرة، داعية مسلحي المعارضة إلى إلقاء السلاح أو مواجهة الموت المحتم.
واشنطن، التي كانت تعمل بالتعاون مع موسكو على تبريد الأجواء لمنع تدهور واسع في الوضع، سارعت إلى الرد على النظام، فوجهت تحذيراً صارماً من أنها «ستتخذ إجراءات حازمة ومناسبة» رداً على أي انتهاكات لوقف النار يرتكبها النظام في منطقة «وقف التصعيد» جنوباً. وفي السياق، قالت هيذر ناورث، المتحدثة باسم الخارجية، مساء الجمعة الماضي، إن الولايات المتحدة، بوصفها ضامناً لمنطقة وقف التصعيد مع روسيا والأردن، ستتخذ إجراءات حاسمة رداً على أي انتهاكات لوقف النار يقوم بها النظام وحلفاؤه!

وكان ناشطون في درعا والقنيطرة قد حذروا من أن يكون مصير المنطقة مثل الغوطة وريف حمص، خصوصاً بعد تحريك النظام تعزيزات عسكرية في اتجاه المنطقة، التي تحولت دائرة متابعة واهتمام من الدول الضامنة وأميركا والأردن، حيث كانت المساعي ناشطة على خطين؛ الأول، اتصالات أميركية مع إسرائيل، يقابلها اتصالات روسية مع النظام والإيرانيين. والثاني، وساطة أردنية بين إسرائيل وإيران لنزع فتيل أي مواجهة واسعة انطلاقاً من أي عمليات عسكرية محاذية لهضبة الجولان.

على الخط الأول، تسارعت وتيرة الجهود على قاعدة اتفاق أميركي - روسي هدفه تثبيت هدنة الجنوب، وسحب القوات الإيرانية من المنطقة. ومع بداية هذا الأسبوع، بدا أن توافقاً رباعياً في طريقه إلى التبلور، بين موسكو وواشنطن وتل أبيب وعمّان، على هذا الموضوع، حيث أكد الأردن أنه يناقش التطورات في جنوب سوريا مع الولايات المتحدة وروسيا، وأن الأطراف الثلاثة الموقعة في العام الماضي على اتفاق «خفض التصعيد» هناك اتفقت على ضرورة الحفاظ على الهدوء، كخطوة مهمة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تسريع وتيرة المساعي للتوصل إلى حل سياسي في سوريا.

على الخط الثاني، سارع المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، يوم الاثنين الماضي، إلى إصدار نفي مشوب بالشتائم. أما النفي، فهو أن إيران لم تجرِ أي مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بخصوص جنوب غربي سوريا. وأما الشتائم، فموجهة إلى الدول العربية، قائلاً: «إن إيران لا تعترف أساساً بالكيان الصهيوني الإرهابي الغاصب واللقيط»!
ولكن صحيفة «جيروزاليم بوست» أكدت حصول هذه المفاوضات غير المباشرة، التي أدارها الأردنيون على طريقة «محادثات رودس»، من غرفة إلى غرفة في أحد فنادق عمّان، حيث جلس السفير الإيراني مجتبي فردوسي بور وعدد من العسكريين الإيرانيين في غرفة، وجلس نائب رئيس الموساد وعدد من العسكريين الإسرائيليين في غرفة ثانية، وتحرك الوسطاء الأردنيون بين الغرفتين ناقلين الآراء والرسائل، التي انتهت إلى اتفاق سريع فاجأ الوفد الإسرائيلي، وذلك عندما وافق الإيرانيون على أنهم لن يشاركوا، لا هم ولا ميليشياتهم ولا «حزب الله»، في أي معارك قد يخوضها الجيش السوري ضد المعارضة في محافظتي درعا والقنيطرة، وأن تقوم القوات الأردنية بالحفاظ على أراضيها، ومنع التسلل إليها من الجانب الآخر!
التقارير الدبلوماسية كانت قد أشارت أيضاً إلى أن إسرائيل أوضحت للإيرانيين، عبر البوابة الأردنية، أنها لن تتدخل في تلك المعارك، قرب حدود خط وقف النار في الجولان والحدود الأردنية، إن لم تتدخل إيران وميليشياتها، وأن إيران لتفادي خسائر أكبر وضغوط أوسع لخروجها من سوريا وافقت بسرعة على عدم المشاركة في هذه المعارك. وتؤكد هذه التقارير أن الأميركيين والروس كانوا على اطلاع على هذه المفاوضات غير المباشرة، وأن الجانب الروسي الذي كان على اتصال مع طهران قدّم الضمانات للإسرائيليين والأردنيين بعدم مشاركة إيران وأذرعها العسكرية في تلك المعارك!

وتضيف هذه التقارير أنه، بمشاركة أميركية - روسية، تم الاتفاق في محادثات عمّان على آلية عمل مشتركة بين الجميع في سوريا، للحيلولة دون حصول أخطاء قد تؤدي إلى اندلاع معارك بين سوريا والأردن وإسرائيل والجانب الروسي، تشبه التفاهم على قواعد الاتصال بين روسيا وإسرائيل في الأجواء السورية، الذي تم بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا في نهاية عام 2015، يوم قال الرئيس الروسي صراحة إنه يتفهم مصالح إسرائيل في سوريا!

في أي حال، لست أدري معنى النفي المشوب بالشتائم الذي أصدره بهرام قاسمي، عندما نقرأ تصريح السفير الإيراني مجتبي فردوسي بور، الذي قال فيه إن القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها لن تشارك في المعارك التي سيخوضها النظام في محافظتي درعا والقنيطرة، وإن إيران توصلت إلى تفاهمات مع الأردن و«قوى أخرى» في المنطقة بعدم المشاركة وعدم الوجود في المنطقة كي لا تحدث مواجهات قد تؤدي إلى حرب شاملة.

والسؤال: هل ستحدث فعلاً معارك هناك، في ظل الحديث عن ترتيبات أميركية لسحب القوات المعارضة من المنطقة، وضمان روسيا أن تبقى إيران وميليشياتها على بعد 30 كيلومتراً من هضبة الجولان؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رودس إيراني ـ إسرائيلي في عمّان رودس إيراني ـ إسرائيلي في عمّان



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya