دروس حرب افني

دروس حرب افني

المغرب اليوم -

دروس حرب افني

بقلم - عمر افضن

اليوم يحتفل ساكنة إقليم إفني بذكرى ثورة ايت باعمران التي انطلقت في 23 نونبر 1957 ، وفي ظل وضع مزري فقدت فيه ساكنة الشئ الكثير خاصة من رصيدها المعنوي والمادي، وفي ظرف وجيز ..سرقت ثروة إفني المعدنية ، وخربت أموال شركات عهد الحماية الإسبانية التي كانت أسهمها لرجال أعمال المنطقة، وتم فبركت أعيان جدد، على أنقاض رساميل السكان ، وقروض بنك افني..ليتم التعثيم على هذا السيناريو بتأسيس عمالة افني ذات الطابع الأمني ، بعيدا عن رهان التنمية ،.. وحتى نقرب الحدث عما يجري محليا ووطنيا بل دوليا لابد من الإشارة إلى بعض الوقائع ، عسانا أن نفهم رمزية حرب افني ، التي تسجل هذه السنة، الذكرى التاسعة والخمسون على مستويات عدة ومنها:

أولا : لابد من الإشارة إلى أن حدث ثورة ايت باعمران 1957 ، ليس انتفاضة كما يروج لها المخزن بتصوره الكلاسيكي .. اعتبار لكون الانتفاضة غالبا ماتكون عفوية وذات طابع حماسي ، بينما حدث 23 نونبر خطط له ومؤسس ببعد فكري مرتبط بواقع إقليمي آنذاك لايتسع المقال لذكره ، واعتبارا لأهمية الحدث فهو يدخل أيضا في عداد التاريخ المنسي بالمغرب ، الذي لايذكر في مقرر التاريخ ولا في الكتاب المدرسي بالمغرب ، على غرار مجموعة من الملامح البطولية التي يقتصر فيه على نماذج رسمية لتاريخ الدولة، كما أنه حدث لم ياخد نصيبه من التقدير الوطني، بجعله يوم عيد وطني وعطلة رسمية يحس فيه الإنسان المغربي بوجوده التاريخي ، كما أن الحدث أيضا ، لايوظف اليوم في صراع الصحراء في ظل مايسمى بالنزاع المفتعل ، مع جبهة البوليساريو ألبعثي ، وعن تجاهل..

ثانيا: الباعمرانيون يحتفلون بهذه الذكرى، وعلى مضض والحسرة، لأنهم ينظرون إلى ملامحهم لا تقدير لها ،من طرف الدولة ويستهان بها ، فأغلب الذي شاركوا في حرب إفني، قدموا تضحيات، يعيشون اليوم ، في أوضاع صعبة ، بل أبطال منسيون بما لكل البطل من معاني التقدير ، مهمشون ماديا ومعنويا، فالمندوب السامي الذي عينه الملك مند فترة ، كان محسوبا على تيار اليسار القومي العروبي، الذي قاده الاتحاد الاشتراكي آنذاك، في ظل ماعرف بحكومة التناوب، والتي أسست برنامجها على المصالحة ، فلم تصالح إلا أهل الرباط وسلا ...وكل ماقدمته لهؤلاء الأبطال، عبارة عن مجموعة من الهدايا تمنح في جولات موسمية، معروفة عند المقاومين باوسمة تحت مسمى "جوالق"، لا تسمن، ولا تغني من جوع ، لأن هؤلاء بكل بساطة يحتاجون إلى رد الإعتبار إليهم ، و لأسرهم، فأغلب هؤلاء المعنيون لايتقاضون سوى 30 دولارا..ناهيك عن وضعية إقامتهم ، وغيرها من المشاكل ، التي تزيد من قناعة أسرهم، أن الدولة كأنها تقول لهم ،لاتاريخ لكم ،وان ماقمتم به يجب ألا يكون.. ثالثا: منذ انتفاضة 2005 في سيدي إفني، والتي أسست خطابها على شعار "نريد التغيير"، وتم تحويرها بعد ذلك إلى سكرتارية محلية ، تدعوا إلى مطالب إجتماعية، تم تشخيصها في المطالب الخمسة ،وطالبت فيها الدولة المغربية بحقها في التنمية، إلا أن غياب الحوار ، ونهج سياسية التماطل، دفع أبناء المنطقة، إلى إغلاق طريق الميناء سنة 2008 مصدر الثروة التي تنقل خارج المدينة، فوقعت الكارثة، والتي لم يكن يتصدقها ذي عقل ، من خلال أحداث مأساوية، روج لها في العالم ، و عرفت باحداث السبت الأسود، تعرضت فيها ساكنة المنطقة، إلى إهانات في الحرمات، وتنكيل الأشخاص ، وتوالي الاعتقالات..، لم تنتهي تداعياتها إلى حدود اليوم . ..، فكان رد فعل الدولة المركزي تعيين عمال من أصول حسانية ،لهم امتداد مع أسر المخزن التقليدي بالمنطقة ، وعلى ما يبدو فمهمتهم أمنية، فكان عدد الأمنيين بمختلف تلاوينهم وأسرهم أكبر عددا من ساكنة المدينة، في حين بقيت المطالب البسيطة ، التي وقع عليها إجماع سكان المدينة ، تحت مسمى المطالب الخمس، أسطوانة مشروخة ،بعد أن تمكن المخزن ،من اختراق تنظيم السكرتارية المحلية ،الهش أصلا ودو أفق ضيق ..

مجملا،ماتعيشه إفني اليوم من تهميش ،ممنهج في التاريخ وسوء التقدير في التنمية، فهو لايمكن فصله عن الأيديولوجيا المخزنية الكلاسيكية المؤسسة على ثنائية، بلاد المخزن وبلاد "السيبا" ، كما أن اللعبة السياسية في المغرب ،لا تشمل هذا المجال ، فهو أمر محسوم، ويمنع على نخبتها تأسيس أحزب المهمشين والوصول إلى القرار السياسي، حسب قانون الأحزاب او مايسمى باللعبة الديمقراطية بالمغرب، في حين أن تاريخ المنطقة، يوظف بشكل مقنن لصالح أطياف المخزن الكلاسيكي، و اختصار مفهوم التشاركية في الأعيان المفبركين. .غالبا ما يتبجحون بالاستقواء به وأجهزته المتفرعة ، ويربطون الإخلاص والوطنية بالتهميش، كما يعززون من مكانة الخيانة بالامتياز...ففي حرب إفني ، دروس يجب استيعابها قبل فوات الأوان، ولايمكن فصلها عن رهانات التنمية في إفريقيا ،وعن حسابات الأفارقة في الاتحاد الإفريقي . .. 

بقلم/ عمر افضن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس حرب افني دروس حرب افني



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya