بقلم : أسامة الرنتيسي
الأردنيون، المهتمون بالعمل العام، وغيرُ المهتمين كلهم، لديهم قناعةٌ راسخةٌ بأن الدكتور باسم عوض الله مبعوث الملك إلى السعودية هو مِن أقرب الشخصيات إلى عقل رأس الدولة.
وعوض الله هو الشخصية التي تحظى أخبارها باهتمام بالغ في أوساط السياسيين جميعهم، إيجابًا كانت أم سلبًا، ولا تغيب أسابيع إلّا وخبر خاص يتعلق بعوض الله يملأ فضاء الإعلام، تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي كل على هواه.
آخر الأخبار في مواقع إخبارية تعرف أن خبر عوض الله يجذب القرّاء، هو أن باسم عوض الله الأقرب إلى التكليف برئاسة الحكومة، ومع أن هذا الخبر لا يعدو أن يكون إشاعة ساذجة، إلّا أن تناقل الخبر بشكل واسع يعطي انطباعًا بأن عوض الله لا يزال وسيبقى الشخصية الأكثر جدلًا في الأردن، سواء كان موجودًا في عمّان أم مستقرًا في الرياض.
الغريب أن عوض الله يحضر في دواوين الأردنيين بمناسبة ومن دون مناسبة، ففي اليوم الأول الذي خرجت فيه مسيرات احتجاجية على قرارات رفع الأسعار والضرائب الشهر الماضي، انطلقت الهتافات في مدينة السلط ضد باسم عوض الله، مع أنه خارج السلطة، وخارج البلاد.
إشاعات الظّل موجودة في الأوقات جميعها، لنتذكر جيدًا أن تعيين أمين عمّان السابق عقل بلتاجي كان بقناعة الأردنيين لم يكن حسب رغبة رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالله النسور، إنما رغبة من رأس الدولة، حتى قيل في أيامها إن النسور يماطل في إصدار قرار التعيين، لأنه كان يرغب في تعيين شخص آخر، وأبلغه بهذه الرغبة، ما دفعه إلى الاحتفال مبكرًا بإقامة سرادق كبيرًا في أم السماق.
هذه المعلومة استمرت فترة طويلة، إضافة إلى معلومات أخرى عن حالة الجفاء التي كانت بين النسور وبلتاجي، لكن النسور نسفها يومًا تحت قبة البرلمان في وقفة دفاع رجل الدولة بامتياز عن الفريق الذي يعمل بمعيته.
وفي لحظةِ تجلٍ سياسي، امتص النسور بذكاء اتهامات النواب حول احتماء الأمين بجلالة الملك، معلنًا: “أقول بكل صدق وشرف أن اقتراح اسم الأمين لم يأت إلّا منّي أنا شخصيًا، ولم أوجَّه، ولم أُسأل، ولم يقترح جلالة الملك ذلك، ولم يكن لجلالة الملك إلّا أن استمع للاقتراحات، وكان خياري الأول عقل بلتاجي لأنّي زاملته وهو إنسان وطني وكفؤ ومتعدد الثقافة والخبرات وهو نزيه نظيف الكف ولم اسمع ولا شككت بنزاهته”.
إشاعة أخرى لم تتوقف إلّا بعد تعيين الدكتور الملقي رئيسا للوزراء، فقد أصر الأردنيون على قراءة الحركة النشطة التي كان يقوم بها رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي وتوقفت الان على أنها تلميع وإعادة حضور تجهيزا للعودة من جديد إلى سدة الدوار الرابع رئيسا لحكومة جديدة، او رئيسا للديوان الملكي.
الرفاعي اضّطر أكثر من مرة، وفي لقاءات صحافية وتلفزيونية وفي ردود على اسئلة مواطنين أن ينفي أن نشاطه السياسي الذي يقوم به في المحافظات، وملحوظاته على السياسات الرسمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما هي إلّا جزء من دوره في التواصل مع المواطنين، وليس لها من قريب أو بعيد علاقة بالعودة إلى السلطة.