الاردن بين مطرقة الخارج وسندان الداخل

الاردن بين مطرقة الخارج وسندان الداخل

المغرب اليوم -

الاردن بين مطرقة الخارج وسندان الداخل

بقلم - أسامة الرنتيسي

قد يتساءل كثيرون عما يجري في الاردن وما سر توقيت هذه الاحتجاجات اليوم؟ ولماذا تمت اقالة رئيس الوزراء هاني الملقي على خلفية مشروع قانون جديد لضريبة الدخل علما بأن الحكومات السابقة ليست باحسن حال من حكومته وهي التي رحَلت مشروع القانون الى  حكومة الملقي؟

باختصار شديد إن ما جرى في الاردن عمليا هو احتقان للشارع مع تأجيج من عدد من المسوؤلين السابقين ومنهم من تولوا وزارات بعينها وباتوا يُنظرون على الشعب في ماهية الحل؟ أين كانوا عندما تأزم اقتصاد الاردن؟ أليس هؤلاء المسؤولين هم من أوجد تلك المشكلة بترحيل التبعات الاقتصادية الماضية الى الحكومة الحالية؟

إن المتأمل في وجوه الاردنيين اليوم يرى نوعا جديدا من الشعب الاردني: شعب ما عاد  يخشى قول الحقيقة في وجه كل مسوؤل ولذلك على أي وزير أو رئيس حكومة أو رئيس مجلس نواب او رئيس مجلس اعيان أن يحسب حساب الغضب الشعبي من الان وصاعدا. ولكي تنجح الحكومة في مهمتها عليها بما يلي: 

اولا: مراجعة التعيينات التي تمت في الفترة من 2011 الى الان في قمة الهرم الحكومي ومنها دوائر حكومية ومؤسسات اعلامية وخدمية وتفعيل مبدأ المحاسبة وذلك لكثرة الفساد والمحسوبيات في التعيينات.

ثانيا: محاسبة المسوؤلين عن الرفاه الذي يعيشيون فيه. فنحن الاردنيين نعرف بعضنا جيدا ونعرف أنه حتى عام 1970 لم يكن هناك أثرياء في الاردن سوى عائلتين غير اردنيتين. وفي غضون سنوات قليلة، اصبح عدد لا بأس به من المسؤولين من ارباب الملايين، فمن أين لك هذا؟

ثالثا: إعطاء الجميع الحق في التعيينات وفي المناصب وأن لا تكون المناصب العليا حكرا على المناطقية والعشائرية والمحسوبين على فلان وعلى علتان. فالوجوه هي نفسها، إن لم يصبح ابن ذلك المسؤول وزيرا يصبح ابن اخيه أو ابن اخته او زوج ابنته، وهكذا.

رابعا: على الرغم من ان الحكومات في كل مرة تشمل عددا من التكنوقراط، الا أننا لمن نجد لها نفعا لغياب الصلاحيات لهؤلاء الوزراء او المسوؤلين خاصة اولئك الذين استوزروا وهم لا سند ولا دعم لهم ولكن وضعوا في مناصب للتسكيت أو تقلدوا مناصب لجبر الخواطر.

والسؤال الاهم: هل سينجح رئيس الوزراء الجديد في مهامه الجسام؟ أكاد اجزم انه سيستقيل في غضون اشهر قليلة وقبيل نهاية العام. والسبب هو أن المنطقة ككل مقبلة على وضع عصيب في الاشهر القادمة حتى مع ارتفاع اسعار النفط التي ستهوي الى أدنى مستوى لها منذ أعوام الى اقل من 35 دولارا للبرميل لاسباب عديدة سنأتي على ذكرها في مقالات قادمة، ما يعني أن حربا قادمة ستطل برأسها على الشرق الاوسط. وهذا يعني أن الخطط الاقتصادية ستواجه بركانا اقتصاديا صعبا ليس على الاردن فقط بل على المنطقة.

فلنتذكر تلك الخطبة التي القاها الشيخ أحمد هليل، قاضي القضاة السابق، في خطبة وصفت بالنارية من على منبر مسجد الملك الراحل الحسين بن طلال، رحمه الله، إذ حذر فيها من أن ما يمر به الاردن هو بسبب تخاذل عدد من الحلفاء العرب والغرب عن دعمه في وقت كان الاردن ولا يزال بحاجة للدعم لأنه خصص جزءا كبيرا من موازنته للدفاع عن حدوده الشمالية والشمالية الشرقية ضد خطر الارهاب، وهو بذلك حمى دول الجوار من خطر داهم.

يومها قال الشيخ هليل: “حذار حذار من ان يضعف الاردن. لقد بلغ السيل الزبى. اخوانكم في الاردن ضاقت الاخطار حولهم واشتدت”. نعم، خذل بعض العرب الاردن وشعبه بعدم تلبيتهم نداء الاستغاثة بل مارسوا سياسة “التطنيش” و”التجويع” ثم “التركيع” للوصول الى مرحلة “التوقيع” على طابو “قوشان” التنازل عن القدس والقضية الفلسطينية وهو ما رفضه الاردن ليس ملكا فقط بل شعبا.

إن التخلي عن الاردن قد أثر على الاقتصاد الاردني حتما لكن تأثير الفساد في المملكة كان هو الاكبر. في المملكة 25 شخصية تملك أكثر من 15 مليار دولار اجمالي ودائع في البنوك وجل هؤلاء كانوا مسؤولين سابقين في الحكومات السابقة هم وابناؤهم واحفادهم. واليوم يُنظرون بأن على الاردنيين أن يعوا أن الخطر على كيانهم السياسي مرهون بالخطر على اقتصادهم. بالطبع يخافون يوما تتقلب فيه الودائع في البنوك في يوم ريح عاصف لا يبقي ولا يذر.

نعلم انه تمت التضحية بالاردن وبالشعب الاردني ككبش فداء لصفقة القرن او لصفعة القرن ولكن تلك الصفقة لن تتم. نعلم أن الضغط على الاردن من كل الجهات من الجبهة الاسرائيلية ومن الجبهة الشمالية الغربية مع الحدود السورية حيث التوتر المقلق للاردن. ولكن الشعب الاردني واع ومدرك لأبعاد تلك المخططات المرسومة ولن يدعها تمر حتى لو لم يجد ما يأكله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاردن بين مطرقة الخارج وسندان الداخل الاردن بين مطرقة الخارج وسندان الداخل



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya