في اتصال يحمل لمسات معاتبة ناعمة يرى وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الرفيق موسى المعايطة انه من الواجب علينا ان نعطي انتخابات اللامركزية فرصة وبعد ذلك نحكم عليها، ولا يجوز أن نتوقع مثلما توقعت فشل التجربة قبل أن تبدأ، وان هذه الانتخابات هي الاولى والاخيرة.
الوزير المعايطة مقتنع جدا أن لا نجاح لهذه التجربة وتجارب الانتخابات عموما اذا لم تحمل على ظهر احزاب قوية.
مقتنوعون مثل الرفيق المعايطة بضرورة تعزيز العمل الحزبي، لكن على أرض الواقع هل هناك فعلا حالة حزبية يمكن البناء عليها وتعزيزها، والتنبؤ بديمومتها وتطويرها.
للأسف الشديد، لا توجد حياة حزبية حقيقية، ولا بوادر لتطوير الاحزاب القائمة، فقد اكل الدهر عليها وشرب، ومعظم قياداتها هرمت وتجاوزها العمر، ولم تخلق قيادات بديلة، تستطيع أن تحمل الراية بعدها.
للانصاف؛ لا تتحمل الاحزاب وحدها بؤس الحالة الحزبية، فعقل الدولة ومؤسساتها، تتحدث امنيات عن الاحزاب، لكن لا ايمان بها، وقد اكون قاسيا لاقول ان هنالك حالة عداء للعمل الحزبي، ولا احد يريد ان يرى احزابا قوية، وتيارات مقنعة.
لا اكتب عن الاحزاب بهدف جلدها بل لغيابها الفعلي – ما عدا جماعة الاخوان المسلمين – عن العملية الانتخابية في البلديات واللامركزية، ولم يتعد حضور الاحزاب في هذه الانتخابات اكثر من 2 % ، وبمرشحين قد يكون بعضهم صديقا للاحزاب وليس من قياداتها وكوادرها.
تطوير الاحزاب يبدأ بالقانون, وصولا إلى تشكيل حكومات حزبية برلمانية ممثلة، فهل يعقل ان تعيش مقولة أحد وزراء الداخلية كل هذه السنوات, ولا تزال السنة البعض ترددها: بان عدد بعض الاحزاب لا يكمل حمولة باص كوستر”, ومقولة اخرى فيها فذلكة سياسية من نمط “ان “احزابنا عقائدية لا برنامجية”.
بالقانون وحده ننمي الحياة الحزبية, ونحدد مسؤولية الدولة تجاه الاحزاب, ونضع ضوابط محددة لدعم الاحزاب ماليا, لان وضعها كلها في علبة واحدة, انسجاما مع المثل الشعبي البائس (كله عند العرب صابون) فيه ظلم كبير, وهناك مقاييس كثيرة يستطيع القانون ضبطها, من خلال تمثيل الحزب في البرلمان، ونسبة الشباب والنساء في كل حزب, وعدد مقرات الاحزاب, والروافع السياسية والاعلامية التي ينتجها.
على الدولة عموما ان تتبرأ من تهمة عدم الرغبة في ايجاد حياة حزبية ناضجة وفاعلة، وعليها ان تكون في خطابها وممارساتها داعمة للحياة الحزبية على اساس ان هذه الحياة الحزبية هي القادرة عل ادارة شؤون البلاد، وان لا اصلاح سياسي شامل في البلاد من دون حياة حزبية قوية وفاعلة ومؤثرة.
خراب الحياة الحزبية وسلبيتها وضعفها، تتحمل المسؤولية في ذلك جهات عديدة، واسباب يعرفها الجميع، لكن ابرز العوامل التي تديم هذا الوضع سببين:
اولا، ضعف الحياة الطلابية المخزن الرئيس في تطوير الحياة الحزبية عل اعتبار ان الحياة الطلابية هي المختبر الاول للحياة الحزبية الفاعلة، ومنذ لحظة ضعف الحياة الطلابية واستهدافها، انعكس فورا عل الحياة الحزبية، التي غيبتها ظروف كثيرة عن الحياة الطلابية.
وثانيا، لا يمكن ان تتطور الحياة الحزبية من دون قانون انتخاب يحمل على اكتافه تطوير الحياة الحزبية، ومنسجما مع متطلبات الاصلاح الوطني الديمقراطي, ويتسع للتعددية الحزبية والاجتماعية.
لا يجوز ان تبقى قضية الاحزاب والاصلاح في الاردن، مثل الدجاجة والبيضة، من هو الذي جاء اولا….